يعد من ضمن الأنظمة البالغة الأهمية التي أصدرتها المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة هو نظام الإفلاس السعودي، الذي جاء بنتيجة إيجابية على البيئة الاستثمارية في المملكة من حيث تعزيز ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال السعودية، بالإضافة لتمكينه إعادة التنظيم المالي للمنشآت المتعثرة لتتجاوز مرحلة التعثر المالي وسداد الديون والالتزامات دون أن تتعطل عجلة الإنتاج، والجدير بالإشارة في هذا الخصوص أن نظام الإفلاس السعودي جاء بالعديد من اجراءات الافلاس والتي تعمل على حماية المدين والدائن، وهي اجراء التسوية الوقائية، وإعادة التنظيم المالي، والتصفية، والتسوية الوقائية لصغار المدينين، وإعادة التنظيم المالي لصغار المدينين، والتصفية لصغار المدينين، والتصفية الإدارية، وبهذا يكون قد تمكن المنظم السعودي من خلال إصدار نظام الإفلاس السعودي من جمع كافة إجراءات الإفلاس والموجودة في المملكة العربية السعودية منذ سنوات عدة، ولم يقتصر دور المنظم السعودي على مجرد إصدار نظام الإفلاس، بل شرع في إصدار اللوائح التنفيذية له، والجدير بالتنويه في شأن تلك اللوائح التنفيذية هو قرار وزير التجارة رقم 149 بتاريخ 14/5/1444هـ، والمتضمن الموافقة على إصدار القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود، وتلك القواعد المنظمة سوف تكون محور هذا المقال من حيث الرد على كافة الاستفسارات التي تثار بشأنها وآلية تطبيقها.
إن القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية، هي التي تتضمن إجراء الإفلاس الأجنبي وهو إجراء قضائي أو إداري جماعي في دولة أجنبية، ولو كان مؤقتاً، وفق أحكام نظام إفلاس، تخضع بمقتضاه أصول المدين وأمواله لرقابة المحكمة الأجنبية أو إشرافها لغرض إعادة تنظيمها المالي أو تصفيتها.
ولإجراء الإفلاس الأجنبي نوعان وهما: -
1- إجراء الإفلاس الأجنبي الرئيسي: وهو إجراء في دولة أجنبية يوجد بها المركز الرئيسي للمدين الذي يزاول من خلاله نشاطه الاقتصادي.
2- إجراء الإفلاس الأجنبي غير الرئيسي: وهو إجراء في دولة أجنبية لا يوجد بها المركز الرئيسي للمدين ويزاول فيها نشاطاً اقتصادياً غير عارض من خلال كوادر بشرية وسلع أو خدمات.
أما أمين الإفلاس الأجنبي فهو الشخص ذو الصفة الطبيعية (فرد) أو الاعتبارية (منشأة) المعين ولو مؤقتاً في إجراء الإفلاس الأجنبي، لإعادة تنظيم أموال المدين أو أعماله أو تصفيتها أو التصرف كممثل لإجراء الإفلاس الأجنبي.
أوضحت المادة الثانية من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود، أنه يتم تطبيق تلك القواعد في أي من الحالات الآتية: -
1- إذا طلبت المحكمة الأجنبية أو الأمين الأجنبي مساعدة قضائية من المحكمة بشأن إجراء الإفلاس الأجنبي.
2- إذا طلبت المحكمة أو لجنة الإفلاس أو الأمين مساعدة قضائية من المحكمة الأجنبية أو الأمين الأجنبي بشأن إجراء إفلاس بموجب أحكام نظام الإفلاس السعودي.
3- إذا كان المدين يخضع لإجراء إفلاس بموجب أحكام نظام الإفلاس السعودي وإجراء الإفلاس الأجنبي في الوقت ذاته.
4- عند تقديم طلب متعلق بإجراء إفلاس أو التدخل فيه من أي دائن أو ذي مصلحة من دولة أجنبية وفقاً لأحكام نظام الإفلاس السعودي.
والجدير بالذكر هو ما نصت عليه المادة الثالثة من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية، حيث أنه لا تخل القواعد بالاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفاً فيها، كما أنه يحق للمحكمة رفض اتخاذ أي إجراء إذا تضمن ما يخالف النظام العام في المملكة العربية السعودية، هذا بالإضافة إلى أنه لا تقيد القواعد صلاحية المحكمة أو الأمين في تقديم أي مساعدة أخرى للأمين الأجنبي بموجب أنظمة المملكة ذات العلاقة، و يراعى عند تطبيق الأحكام الواردة في القواعد طبيعتها الدولية، لتعزيز تطبيق أحكامها بشكل موحد وبمراعاة حسن النية.
أفادت المادة الخامسة من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية، بأنه ودون الإخلال بأنظمة الدولة الأجنبية، يحق للأمين المعين في إجراء الإفلاس بموجب أحكام النظام ممارسة صلاحياته ومهماته ذات الصلة في الدولة الأجنبية وفق أحكام النظام، والتواصل بشكل مباشر مع المحكمة الأجنبية والأمين الأجنبي، والتعاون معهما بإشراف المحكمة، هذا بالإضافة لحق الأمين الأجنبي في التقدم إلى المحكمة مباشرة بطلب الاعتراف بإجراء الإفلاس الأجنبي المعين فيه، وطلب المساعدة القضائية، وله طلب افتتاح أي من إجراءات الإفلاس وفقاً لأحكام نظام الإفلاس السعودي.
أكدت المادة السادسة من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية، أنه لا يترتب على تقديم الأمين الأجنبي طلب مساعدة قضائية إلى المحكمة خضوعه أو خضوع أصول المدين أو أعماله خارج المملكة لولاية المحكمة إلا في حدود الطلب.
أوضحت المادة السابعة من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية، أنه مع عدم الإخلال بترتيب أولوية الديون في إجراءات الإفلاس وفقاً أحكام نظام الإفلاس، أو أحكام لائحته التنفيذية، يكون للدائن الأجنبي حقوق مماثلة للدائن في المملكة فيما يتعلق بأي من إجراءات الإفلاس والتدخل فيه.
كما أنه تتحقق المحكمة من توافر الحماية الكافية لمصالح المدين ودائنيه وأي طرف آخر ذي مصلحة، هذا بالإضافة لحق للمحكمة في تعديل المساعدة القضائية أو إنهاؤها، سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب من الأمين الأجنبي أو أي شخص متأثر بالمساعدة القضائية.
وكذلك يكون للأمين الأجنبي بعد الاعتراف بإجراء الإفلاس الأجنبي أن يطلب من المحكمة وفقاً لصلاحيات الأمين في النظام إبطال أو عدم نفاذ التصرفات الضارة بالدائنين.
وأيضاً تتحقق المحكمة في إجراء الإفلاس الأجنبي غير الرئيسي من أن الإجراءات المتخذة وفقاً لأنظمة المملكة تتعلق بالأصول محل الإجراء، بالإضافة أيضاً بأنه ودون الإخلال بحقوق الدائنين المضمونة بضمان عيني، لا يدفع للدائن الذي تسلم مبلغاً يمثل جزءاً من مطالبته بناء على إجراء الإفلاس الأجنبي للمدين في دولة أجنبية مبلغا آخر نظير المطالبة ذاتها في إجراء إفلاس للمدين ذاته وفق لنظام الإفلاس السعودي، ما دام الدائنون الآخرون في درجة الأولوية ذاتها تسلموا نسبة أقل من مبالغ مطالباتهم مقارنة بما تسلمه الدائن.
أكدت المادة الثامنة من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية على أنه يجب على الأمين الأجنبي إذا تقدم إلى المحكمة بطلب الاعتراف بإجراء الإفلاس الأجنبي المعين فيه، أن يرفق به الوثائق الآتية:-
1- نسخة من قرار افتتاح إجراء الإفلاس الأجنبي وتعيينه أميناً.
2- شهادة من المحكمة الأجنبية تؤكد سريان إجراء الإفلاس الأجنبي واستمراره أميناً في الإجراء ذاته.
3- بياناً يتضمن تحديد إجراءات الإفلاس الأجنبية المتعلقة بالمدين التي علم بها الأمين الأجنبي.
هذا وتقرر المحكمة عند النظر في طلب الاعتراف انطباق مدلولي مصطلحي إجراء الإفلاس الأجنبي والأمين الأجنبي من القواعد على إجراء الإفلاس الأجنبي والأمين الأجنبي ومضمون الوثائق المقدمة إليها، ويكون للمحكمة أن تقبل ما قُدم إليها من معلومات ووثائق بشأن الطلب وإن لم يكن مصدقاً عليها.
حيث يجدر التنويه بأنه في حال تعذر توافر شهادة من المحكمة الأجنبية تؤكد سريان إجراء الإفلاس الأجنبي واستمراره أميناً في الإجراء ذاته أو البيان المتضمن تحديد إجراءات الإفلاس الأجنبية المتعلقة بالمدين التي علم بها الأمين الأجنبي، جاز تقديم أي وثيقة تفيد سريان الإجراء الأجنبي وتعيين الأمين الأجنبي، وللمحكمة أن تقبلها أو ترفضها، كما يحق للمحكمة أن تطلب من الأمين الأجنبي ترجمة الوثائق المقدمة إليها إلى اللغة العربية للنظر في طلبه.
ويعد المقر الرئيسي المسجل للمدين، أو محل إقامته المعتاد إذا كان شخصاً طبيعياً، هو المركز الرئيسي للمدين، ما لم يثبت خلاف ذلك.
هذا ومن ناحية أخرى، يلتزم الأمين الأجنبي بموجب المادة التاسعة من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية، من وقت تقديمه طلب الاعتراف بإجراء الإفلاس الأجنبي، بتبليغ المحكمة على الفور بالآتي:-
1- أي تحديث جوهري يطرأ على حالة إجراء الإفلاس الأجنبي المعترف به أو ما يتصل بتعيين الأمين الأجنبي.
2- أي إجراء إفلاس أجنبي آخر افتتح للمدين، وعلم به الأمين الأجنبي.
كما يكون للأمين الأجنبي أيضاً بموجب المادة العاشرة من ذات القواعد، خلال المدة من تقديم طلب الاعتراف بإجراء الإفلاس الأجنبي إلى حين البت فيه، أن يتقدم إلى المحكمة بطلب مساعدة قضائية عند الاقتضاء لحماية أصول المدين أو مصالح الدائنين، وللمحكمة أن تقضي بأي من الآتي:-
1- تفويض الأمين الأجنبي أو أي شخص آخر في إدارة أصول المدين الموجودة في المملكة أو بعضها أو تحصيلها كلها أو بعضها لحماية قيمة الأصول التي تكون بحكم طبيعتها أو بسبب الظروف المحيطة بها قابلة للنقص أو الهلاك.
2- أي مساعدة قضائية، كتعليق الحق في اتخاذ أو استكمال أي إجراء أو تصرف ضد المدين أو أصوله أو حقوقه أو التزاماته، أو تعليق الحق في التنفيذ على أي من أصول المدين، أو تعليق الحق في نقل أصل من أصول المدين أو رهنه أو التصرف فيه بأي شكل.
وتنتهي المساعدة القضائية بمجرد البت في طلب الاعتراف بإجراء الإفلاس الأجنبي، ما لم تقرر المحكمة تمديد المساعدة القضائية.
كما يجب علينا أن لا ننسى بيان أنه وفق المادة الحادية عشرة من ذات القواعد يجب أن يكون طلب المساعدة القضائية المقدم إلى المحكمة مكتوب ومتضمن ما يأتي:
1- أسماء الأطراف وعناوين الأشخاص المعنيين بتبليغ الطلب.
2- تحديد طبيعة المساعدة القضائية محل الطلب.
3- أسباب تقديم الطلب.
أفادت المادة الثانية عشرة من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية، بأنه يشترط للاعتراف بإجراء الإفلاس الأجنبي ما يأتي: -
1- أن ينطبق على إجراء الإفلاس الأجنبي والأمين الأجنبي مدلولا مصطلحي (إجراء الإفلاس الأجنبي) و (الأمين الأجنبي) من القواعد.
2- أن يكون طلب الاعتراف به مستوفي المرفقات السابق بيانها.
ما هي الأثار المترتبة على قبول المحكمة طلب الاعتراف بإجراء الإفلاس الأجنبي الرئيسي؟
بينت المادة الرابعة عشرة من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية، أنه يترتب على قبول المحكمة طلب الاعتراف بإجراء الإفلاس الأجنبي الرئيسي، ما يأتي: -
1- تعليق الحق في اتخاذ أو استكمال أي إجراء أو تصرف ضد المدين أو أصوله أو حقوقه أو التزاماته.
2- تعليق الحق في التنفيذ على أي من أصول المدين.
3- تعليق الحق في نقل أصل من أصول المدين أو رهنه أو التصرف فيه بأي شكل.
بينت المادة التاسعة عشرة من القواعد المنظمة لإجراءات الإفلاس العابرة للحدود في السعودية أنه يكون التنسيق والتعاون بين المحكمة والمحكمة الأجنبية قدر الإمكان بشكل مباشر أو من خلال الأمين والأمين الأجنبي في كل ما يتعلق بأي من إجراءات الإفلاس بموجب أحكام نظام الإفلاس أو إجراء الإفلاس الأجنبي بما في ذلك:-
أ- تعيين المحكمة شخص ذا صفة طبيعية أو اعتبارية للتصرف بناءً على توجيهاتها.
ب- تقديم المعلومات والوثائق اللازمة بخصوص الإجراء بالوسيلة التي ترى المحكمة مناسبتها.
ج- التنسيق والتعاون بشأن الإشراف على أصول المدين وإدارتها.
د- الموافقة على اتفاقات للتنسيق بخصوص الإجراءات والتدابير أو تنفيذها عن طريق المحكمة.
هـ- التنسيق والتعاون في إجراءات الإفلاس المتزامنة.
و- أي طرق أخرى للتنسيق والتعاون تحددها وزارة العدل.