عقد البيع يعتبر من أبرز العقود وأكثرها شيوعاً واستخداماً، نظراً لدوره الحيوي في الحياة اليومية والتجارية، فهو ينظم عملية انتقال الملكية بين الأطراف ويحدد حقوق والتزامات كل طرف، مما يضمن وضوح المعاملات ويقلل من احتمالية النزاعات، ومع التطورات التشريعية السريعة في المملكة، تزداد أهمية هذه العقود، مما يبرز الحاجة إلى فهم شامل لأحكامها وتأثيرها على المعاملات المدنية والتجارية.
ولعل الهدف الأساسي من هذا المقال هو تقديم إجابات وافية وشاملة حول الأسئلة الشائعة المتعلقة بأحكام عقد البيع في السعودية، وذلك بهدف تمكين الأفراد والشركات من فهم الجوانب القانونية والتنظيمية لهذا النوع من العقود، كما نسعى من خلال هذا المقال إلى تبسيط المفاهيم المعقدة وتوضيح الحقوق والالتزامات المترتبة على أطراف العقد، مما يساعد في تعزيز الثقة والشفافية في المعاملات المدنية والتجارية، ويسهم في تجنب النزاعات وضمان الامتثال لأحكام نظام المعاملات المدنية.
ما هو عقد البيع في السعودية؟
إن عقد البيع في السعودية عقد من العقود الواردة على الملكية، فهو عقد يملك بمقتضاه البائع المبيع للمشتري مقابل ثمن نقدي، وبصورة أخرى عقد البيع في السعودية هو اتفاق قانوني بين طرفين، يتم بموجبه نقل ملكية شيء معين من البائع إلى المشتري مقابل مبلغ مالي محدد، ويُعتبر هذا العقد من العقود الملزمة للجانبين.
ما هي ضوابط المبيع والثمن في عقد البيع في السعودية؟
يعد من ضوابط المبيع والثمن في عقد البيع وفق نظام المعاملات المدنية الآتي:
- العلم بالمبيع
- يجب أن يكون المبيع معلوماً للمشتري برؤيته أو ببيان صفاته المميزة له، كما إنه إذا تضمن عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع فلا حق له في طلب إبطال العقد لعدم العلم إلا إذا أثبت تغرير البائع به، حيث أن التغرير يعد من عيوب الرضى في التعاقد.
- البيع بالعينة
- إذا كان البيع بالعينة وجب أن يكون المبيع مطابقاً لها، أما إذا فُقدت العينة أو تلفت في يد أحد المتعاقدين ولو من غير خطأ منه، واختلفا في مطابقة المبيع للعينة، فالقول للمتعاقد الآخر، ما لم يُثبت من فُقدت أو تلفت العينة في يده عكس ذلك.
- البيع بشرط التجربة
- يجوز البيع بشرط التجربة خلال مدة معينة، وإذا لم يعين المتبايعان المدة حملت على المدة المعتادة للتجربة، وعلى البائع تمكين المشتري منها، وللمشتري فسخ البيع ولو لم يجرب المبيع بشرط إعلام البائع بالفسخ خلال مدة التجربة.
- إذا أسقط المشتري حقه في الفسخ صراحة أو ضمناً، أو تجاوز في استعمال المبيع حد التجربة، أو هلك المبيع أو تلف بفعل المشتري أو بعد تسلمه، أو مضت المدة المتفق عليها دون فسخٍ مع تمكنه من التجربة، لزم البيع بالثمن المتفق عليه مستنداً إلى وقت انعقاده.
- إذا تبين من الاتفاق أو ظروف الحال أن البيع بشرط التجربة معلق على قبول المشتري للمبيع، لم ينفذ البيع إلا بقبوله.
- تقدير وتحديد الثمن
- يصح أن يقتصر تقدير الثمن على بيان أسس صالحة يتحدد بمقتضاها.
- إذا اتفق المتعاقدان على تحديد الثمن بسعر السوق اعتبر سعر السوق في زمان البيع ومكانه، فإن لم يكن في مكان البيع سوق اعتبر المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره سارية.
- إذا لم يحدد المتعاقدان ثمناً للمبيع فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى تبين من الظروف توجه إرادتهما إلى سعر السوق أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما.
- إذا حدد الثمن بناءً على رأس مال البائع في المبيع مرابحة أو وضيعة أو تولية، وجب عليه أن يبين كل ما له تأثير في رأس ماله، وللمشتري طلب إبطال العقد إذا كتم البائع أمراً ذا تأثير في رأس المال، وإذا لم يكن رأس المال محدداً عند العقد وتبين في الثمن غبن للمشتري جاز له طلب إبطال العقد، وللبائع توقي الإبطال إذا قدم ما تراه المحكمة كافياً لرفع الغبن.
- استحقاق الثمن
- يُستحق الثمن في البيع معجلاً ما لم يُوجد اتفاق على أن يكون مؤجلاً أو مقسطاً لأجل معلوم، أما إذا كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً فيبدأ الأجل من تاريخ العقد، ما لم يتفق على خلاف ذلك.
ما هي التزامات البائع في عقد البيع؟
- يجب أن يقوم البائع بما هو ضروري من جانبه لنقل ملكية المبيع للمشتري وأن يمتنع عن أي عمل من شأنه جعل نقل الملكية مستحيلاً أو عسيراً.
- يلتزم البائع بتسليم المبيع إلى المشتري بالحال التي كان عليها وقت البيع، وتكون نفقات تسليم المبيع على البائع، وذلك كله ما لم يتفق على خلافه.
- يلتزم البائع بتسليم المبيع مجرداً من كل حق للغير لا يعلمه المشتري، حيث يشمل تسليم المبيع، ملحقاته، وما اتصل به اتصال قرار، وما جرى العرف على أنه من توابع المبيع ولو لم يذكر في العقد.
- يضمن البائع عدم تعرضه للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه، وأيضاً ضمان سلامة المبيع من أي حق للغير في المبيع كله أو بعضه إذا كان الحق سابقاً لعقد البيع أو آيلاً إلى الغير من البائع.
ما هي التزامات المشتري في عقد البيع؟
- يلتزم المشترى بأداء الثمن قبل تسلم المبيع، ما لم يتفق على خلاف ذلك، وإلا حق للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي ما هو مستحق له من الثمن ولو قدم المشتري رهناً أو كفالة، وإذا هلك المبيع أو تلف في يد البائع وهو حابس له كانت تبعة ذلك على المشتري، أما إذا قبل البائع تأجيل الثمن سقط حقه في حبس المبيع ولزمه تسليم المبيع للمشتري.
- يلتزم المشترى بأداء الثمن الذي استحق وفاؤه وقت تسليم المبيع في مكان التسليم، وإذا لم يكن الثمن مستحق الوفاء وقت تسليم المبيع، لزم أداؤه في مكان العقد، وذلك كله ما لم يتفق على خلافه.
- يلتزم المشتري بتسلم المبيع في المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت البيع، ونقله دون إبطاء، إلا ما يقتضيه النقل من زمن، وذلك كله ما لم يتفق على خلافه.
- يلتزم المشترى بنفقات الوفاء بالثمن وتسلم المبيع وعقد البيع وتسجيله، وذلك كله ما لم يتفق على خلافه.
هل يصح البيع في مرض الموت؟
- يعرف مرض الموت بأنه المرض الذي يعجز فيه الإنسان عن متابعة أعماله المعتادة، ويغلب فيه الهلاك ويتصل به الموت، كما يُعد في حكم مرض الموت الحالات التي يحيط بالإنسان فيها خطر الموت ويغلب في أمثالها الهلاك ولو لم يكن مريضاً.
- بيع المريض مرض الموت لوارث وشراؤه منه بمحاباة لا ينفذ في قدر المحاباة في حق باقي الورثة إلا بإجازتهم.
- بيع المريض مرض الموت لغير وارث وشراؤه منه بمحاباة لا ينفذ في قدر المحاباة في حق الورثة فيما زاد على قيمة ثلث التركة عند الموت بما فيها المبيع ذاته، إلا بإجازتهم أو أن يردّ المتصرف إليه للتركة ما يفي بإكمال الثلثين.
- لا يحتج بعدم نفاذ بيع المريض مرض الموت إذا تصرف المشتري في المبيع تصرفاً أكسب من كان حسن النية حقاً عينياً في المبيع مقابل عوض، وذلك دون إخلال بحق الورثة في الرجوع على المشتري بما يُكمل ثلثي التركة أو ثمن المثل.
هل يجوز أن يبيع النائب لنفسه؟
- ليس للنائب أن يشتري لنفسه باسمه أو اسم غيره ولو بطريق المزاد ما عهد إليه بيعه بمقتضى نيابته ما لم يكن مأذوناً له بذلك، كما لا يحق ذلك للوسيط ولا للخبير ولا لمن في حكمهما في الأموال التي عهد إليه بيعها أو تقدير قيمتها.
- إذا تم البيع وفق ما سبق، فأنه لم ينفذ في حق من تم لحسابه إلا إذا أجازه، وليس له أن يحتج بعدم نفاذ البيع تجاه الخلف الخاص إذا كسب هذا الخلف حقاً عينياً معاوضة بحسن نية.
ما هو حكم بيع ملك الغير؟
- إذا باع شخص بلا إذن شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه، فلا ينفذ هذا البيع في حق المالك، وإذا أجازه نفذ في حقه، دون إخلال بحقوق الغير، ويكون للمشتري طلب إبطال البيع ما لم تؤل ملكية المبيع إلى البائع بعد العقد، أو يُجز المالك البيع.
- إذا كان المشتري يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع، وحكم بإبطال البيع، فللمشتري أن يُطالب بالتعويض ولو كان البائع حسن النية.
ما هو حكم بيع الحقوق المتنازع عليها؟
- لا يجوز للقاضي، ولا لعضو النيابة العامة ومن في حكمه، ولا لموظف المحكمة، أن يشتري لنفسه باسمه أو باسم غيره الحق المتنازع فيه أو بعضه، ويكون العقد باطلاً.
- لا يجوز للمحامي أن يشتري لنفسه باسمه أو باسم غيره الحق المتنازع فيه أو بعضه متى كان وكيلاً فيه، ويكون العقد باطلاً.
- يعد الحق متنازعاً فيه إذا كان موضوعه قد رفعت به دعوى أو قام في شأنه نزاع جدي.
هل يوجد حالات لا يضمن فيها البائع عيوب المبيع؟
- لا يضمن البائع عيوب المبيع في الحالات الآتية:
- إذا كان المشتري يعلم بالعيب وقت البيع، أو كان يستطيع أن يتبينه بنفسه لو فحص المبيع بعناية الشخص المعتاد، ما لم يضمن البائع له سلامة المبيع من عيب بعينه أو كان البائع تعمد إخفاءه.
- إذا كان العيب مما جرى العرف على التسامح فيه.
- إذا حدث العيب بعد التسليم ما لم يكن مستنداً إلى سبب موجود في المبيع قبل التسليم.
- إذا كان البيع في المزاد من قبل الجهات القضائية أو الإدارية.
ما هي الأثار المترتبة على رضي المشتري بعيوب المبيع صراحة أو ضمناً؟
- إذا رضي المشتري بالعيب صراحة أو ضمناً سقط حقه في الفسخ وفي الرجوع بفرق الثمن، ويسقط حق المشتري في الفسخ، وله الرجوع بفرق الثمن في الحالات الآتية:
- إذا تصرف في المبيع تصرفاً يخرجه عن ملكه، فإن عاد إلى ملكه قبل طلب فرق الثمن لم يسقط حقه في الفسخ.
- إذا رتب على المبيع حقاً للغير لا يخرجه عن ملكه وتعذر تخليصه منه خلال مدة معقولة.
- إذا هلك المبيع أو تعيب بفعله أو بعد تسلمه له.
- إذا زاد في المبيع زيادة متصلة غير متولدة منه قبل التسلم أو بعده.
متى لا تسمع دعوى ضمان العيب؟
- لا تُسمع دعوى ضمان العيب بانقضاء مائة وثمانين يوماً من تاريخ تسليم المبيع، ما لم يلتزم البائع بالضمان مدة أطول.
- ليس للبائع أن يتمسك بانقضاء مدة المائة وثمانين يوماً من تاريخ تسليم المبيع، إذا ثبت أن إخفاء العيب كان بغش منه.
في الختام، تعتبر معرفة جميع أحكام عقد البيع في السعودية أمر بالغ الأهمية لضمان نجاح المعاملات المدنية والتجارية بما يتوافق مع الأنظمة السارية في المملكة، وإن فهم التفاصيل الدقيقة والالتزامات القانونية لهذا العقد يسهم في حماية حقوق الأطراف المتعاقدة وتفادي النزاعات المستقبلية، مما يعزز الثقة والشفافية في سوق الأعمال، لذلك من الضروري أن يكون كل من البائع والمشتري على دراية كاملة بالشروط والأحكام المتعلقة بعقد البيع لضمان إتمام الصفقات بسلاسة ووفقاً للإطار القانوني، مما يساهم في تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي في المملكة.