تعد قواعد عمل مكاتب المصالحة وإجراءاته الصادرة بقرار وزير العدل رقم (5595) وتاريخ 29/11/1440هـ، من العناصر الأساسية التي تلعب دوراً حاسماً في تعزيز العدالة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المملكة العربية السعودية، فهذه القواعد والإجراءات تهدف إلى توفير بيئة مناسبة لحل النزاعات وتحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة، مما يسهم في تعزيز التعايش السلمي وتحقيق التقدم والاستقرار، كما تتميز قواعد عمل مكاتب المصالحة بالمرونة والسرعة والكفاءة، فعندما يلجأ الأشخاص إلى مكتب المصالحة يتم تقديم إطار قانوني لحل النزاع وإجراءات لتحقيق المصالحة بطريقة غير معقدة، ويتم توفير الإرشاد والمساعدة للأطراف للتوصل إلى اتفاق نهائي يحقق مصالحهم ويحافظ على حقوقهم، وعلى مر السنوات أصبحت مكاتب المصالحة وإجراءات المصالحة في المملكة العربية السعودية أداة حيوية، حيث يمكن للأطراف المتنازعة تجنب الإجراءات القضائية الطويلة والمكلفة، وبدلاً من ذلك يمكنهم الوصول إلى حلول سريعة وفعالة للنزاعات وتحقيق المصالحة بطرق مرنة ومتفاوتة حسب طبيعة النزاع، ومن هذا المنطلق سوف نركز حديثنا في هذا المقال على كل ما يخص إجراءات المصالحة في المملكة العربية السعودية وفقاً لما جاء في قواعد العمل في مكاتب المصالحة وإجراءاته.
إن المصالحة في المملكة العربية السعودية عبارة عن وسيلة رضائية لتسوية المنازعات تتولاها مكاتب مصالحة صلحاً كلياً أو جزئياً، حيث تتبع تلك المكاتب مركز المصالحة المنشأ بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (103) وتاريخ 1434/4/8هــ.
تتولى مكاتب المصالحةِ في المملكة العربية السعودية المصالحةَ في المنازعات الآتية:
هذا ولا تتولى مكاتب المصالحة المصالحة فيما لا يجوز الصلح فيه شرعاً، ولا ما ليس لأطراف المصالحة حق الصلح فيه، ولا ما يخالف نظاماً.
تضمنت قواعد العمل في مكاتب المصالحة وإجراءاته بيان إجراءات المصالحة على النحو التالي:
يحال طلب المصالحة من المحاكم وفقاً للنموذج المعتمد إلى مكتب المصالحة في نفس المحكمة المرفوع لديها الدعوى، فإن لم يكن فيها مكتب مصالحة فتحال إلى مكتب المصالحة الذي يحدده المركز، أما إذا تقدم الأطراف أو أحدهم بطلب المصالحة من غير إحالة من المحكمة، فيقدم الأطراف أو أحدهم الطلب إلى المركز أو مكاتب المصالحة وفقًا للنموذج المعتمد، ويتولى المصالحةَ المكتب الذي تقدم إليه الأطراف أو الجهة التي يحددها المركز.
هذا ويقيد طلب المصالحة يوم إحالته، ويعطى رقماً يميزه، ويحيل مدير مكتب المصالحة المختص أو من يفوضه طلب المصالحة إلى المصلحين من منسوبي الوزارة أو المصلحين المسجلين مراعياً المصلحة والتعليمات التي يصدرها المركز في هذا الشأن، ومراعياً رغبة الأطراف ما أمكن.
أوضحت قواعد العمل في مكاتب المصالحة وإجراءاته أنه ما لم ينص المركز في المنازعة محل المصالحة على مدد خلاف ذلك، يحدد مكتب المصالحة موعداً لجلسة المصالحة خلال مدة لا تزيد عن 14 يوماً من تاريخ قيد طلب المصالحة، ويُبلغ أطراف المصالحة بالموعد عن طريق مكتب المصالحة أو طالب الصلح، وفي حال غياب الأطراف أو أحدهم فيحدد المكتب موعداً آخر خلال سبعة أيام من الموعد الأول مع مراعاة مناسبته للأطراف ما أمكن، وفي حال غياب الأطراف أو أحدهم للمرة الثانية أو تعذر تبليغهم فيحفظ طلب المصالحة، وتبلغ المحكمة المحيلة إذا كان الطلب محالاً، كما إنه تعقد جلسات المصالحة في مقر مكتب المصالحة، ويجوز عقدها إلكترونياً عن بعد أو في مقر آخر مناسب، على أن تراعى الضوابط والشروط التي يصدرها المركز في هذا الشأن.
يقتصر حضور جلسات المصالحة على من يأتي:
كما يجب على من يحضر جلسات المصالحة من غير المصلحين ومعاونيهم التوقيع على تعهد بعدم الإفصاح وبالالتزام بآداب جلسات المصالحة.
على المصلح في بداية الجلسة التحقق من هوية أطراف المصالحة، ومن أهليتهم الشرعية والنظامية لإجراء الصلح، حيث أن المصلح هو المسؤول عن ضبط جلسات المصالحة، وعليه السعي إلى وصول أطراف المصالحة إلى صلح منه للخصومة ملتزماً بأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وبالقيم المنصوص عليها، وبما يصدره المركز من أدلة إجرائية، وإذا كان بين الأطراف أكثر من منازعة ولو تعددت اختصاصاتها فيسعى إلى وصول الأطراف إلى صلحٍ ينهي جميع هذه المنازعات.
كما أن للمصلح لغرض الوصول إلى الصلح الاجتماع أثناءَ الجلسة أو قبلها بأحد الأطراف دون الآخرين، كما أن له الاجتماع بالأطراف دون وكلائهم، على ألا يخل ذلك بقيم المصالحة ولا يؤدي إلى محظور شرعي، ومن ناحية أخرى لا يجوز للمصلح إكراه أطراف المصالحة أو بعضهم على قبول الصلح.
هذا ويكون على أطراف المصالحة الالتزام بآداب الحوار وبتعليمات المصلح، كما إنه تكون إجراءات المصالحة ومداولاتها باللغة العربية ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، على أن يحرر محضر الصلح باللغة العربية، ويجوز عقد أكثر من جلسة للمصالحة على ألا تزيد عن ثلاث جلسات، وألا تزيد المدة من حين بدء الإجراءات عن ثلاثين يوماً، ويستثنى من ذلك:
تكون جلسات المصالحة سرية، ولا يجوز الإفصاح عما دار فيها من معلومات ووثائق وما نتج عنها من محاضر صلح، أو تقديمه كإثباتٍ أو الشهادة به أمام الجهات القضائية، ولجان فصل المنازعات، وهيئات التحكيم، إلا في الأحوال الآتية وفي حدود ما يتحقق به الغرض:
تنتهي المصالحة في أي من الأحوال الآتية:
لا يحرر المصلح محضراً لجلسات المصالحة، ويكتفي بتحرير الآتي:
تضمنت قواعد العمل في مكاتب المصالحة وإجراءاته بيان ضوابط تحرير المصلح لمحضر الصلح على النحو التالي:
يحرر المصلح محضراً يبين فيه جميع ما اتفق عليه أطراف المصالحة من شروط وأحكام لإنهاء الخصومة، ويشترط فيه الآتي:
1- أن تكون شروط الصلح والتزامات الأطراف معلومة قابلة للتنفيذ، وألا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة المرعية.
2- أن يكون محضر الصلح وفقًا للنماذج المعتمدة إن وجدت، وأن يتضمن المعلومات الآتية:
أ- تاريخ الصلح.
ب- اسم المصلح.
ج- أسماء أطراف المصالحة، وبياناتهم الأساسية بما يشمل رقم هوية الشخص الطبيعي والترخيص للشخص المعنوي، وأرقام الوكالات للوكلاء.
د- ملخص للمنازعة وطلبات الأطراف.
هـ- التسوية التي اتفق عليها الأطراف وجميع شروطها وتفاصيلها وطريقة تنفيذها.
3- أن يذيل محضر الصلح بتوقيع المصلح وأطراف المنازعة أو وكلائهم المفوضين بقبول الصلح، ويغني عنه التوقيع الإلكتروني في المحاضر المدونة إلكترونياً وفقاً للأنظمة ذات العلاقة.
بعد توقيع المصلح والأطراف على محضر الصلح، يعتمده مدير مكتب المصالحة الذي جرى فيه الصلح، أو الأمين العام أو من يفوضه للمحاضر الصادرة عن المصلحين المسجلين ومحاضر الصلح الإلكترونية، كما إنه مع مراعاة سرية جلسات المصالحة، لأمين المركز أن يفوض وحدة إدارية في المركز بمراقبة جودة محاضر الصلح ومراجعتها قبل اعتمادها، ويكون محضر الصلح ملزم لأطراف المصالحة بتوقيعهم عليه، ويكون بعد اعتماده سنداً تنفيذياً تطبق عليه أحكام السندات التنفيذية الواردة في نظام التنفيذ، ولا يحق لأحد أطراف المصالحة فسخ محضر الصلح بعد لزومه أو إبطاله إلا بموافقة جميع الأطراف أو لمقتضى شرعي أو نظامي.
يُسلم كل طرف نسخة من محضر الصلح بعد اعتماده، وترسل مكاتب المصالحة والمصلحون المسجلون نسخة إلكترونية من محاضر الصلح إلى المركز، ويحفظها إلكترونياً بما يحافظ على سريتها، ويسهل الرجوع إليها عند الحاجة.
يُفسر محضر الصلح عند طلب تفسيره المخول باعتماده أو من يحدده الأمين العام وذلك بعد الرجوع إلى المصلح، ويصدر التفسير كتابة، ويبلغ لجميع الأطراف، ويعد بعد اتفاق الأطراف عليه متمماً لمحضر الصلح تسري عليه أحكامه.