يعد عقد البيع الدولي أحد العقود الأساسية التي تستخدم في التجارة الدولية ويتضمن التزامات وحقوق الطرفين البائع والمشترى المتعلقة ببيع وشراء البضائع، فعند إبرام عقد بيع دولي يتم تحديد الالتزامات التي يتحملها البائع والمشتري والتي تشكل الأساس للعلاقة التجارية بينهما، والجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية قد إنضمت إلى إتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع، وذلك بقرار من مجلس الوزراء رقم 839 بتاريخ 2/ 12/ 1444هـ، ومن أهم فوائد تلك الإتفاقية المنضمة إليها المملكة هو أن تتضمن تفصيلاً حقوق والتزامات البائع والمشتري في عقود البيع الدولية، ولذلك ونظراً لأهمية تلك العقود للمستثمرين خصصنا هذا المقال لنتعرف سوياً على التزامات البائع في عقود البيع الدولية، والذي سوف يعقبه مقال آخر يتحدث عن التزامات المشتري في تلك العقود قريباً.
يجب على البائع أن يسلم البضائع والمستندات المتعلقة بها وأن ينقل ملكية البضائع على النحو الذي يقتضيه العقد وهذه الاتفاقية.
إذا كان البائع غير ملزم بتسليم البضائع في أي مكان معين آخر، فإن التزامه بالتسليم يكون على النحو الآتي:
أ- تسليم البضائع إلى أول ناقل لإيصالها إلى المشتري، إذا تضمن عقد البيع نقل البضائع.
ب- وفي الحالات التي لا تندرج تحت الفقرة الفرعية السابقة، إذا كان العقد يتعلق ببضائع محددة أو بضائع معينة بالجنس ستسحب من مخزون محدد أو تُصنع أو تنتج، وعرف الطرفان وقت إبرام العقد أن البضائع موجودة في مكان معين أو أنها ستصنع أو ستنتج في مكان معين، يلتزم البائع بوضع البضائع تحت تصرف المشتري في ذلك المكان.
ج- وفي الحالات الأخرى يلتزم البائع بوضع البضائع تحت تصرف المشتري في المكان الذي كان يوجد فيه مكان عمل البائع وقت إبرام العقد.
كما أنه إذا قام البائع وفقاً للعقد أو لهذه الاتفاقية بتسليم البضائع إلى ناقل، وإذا كانت البضائع لا يمكن تعيينها بوضوح بأنها المشمولة بالعقد، سواء بوجود علامات مميزة عليها أو بمستندات الشحن أو بطريقة أخرى، يجب على البائع أن يرسل للمشتري إخطاراً بالشحن يتضمن تعيين البضائع، و إذا كان البائع ملزماً باتخاذ ما يلزم لنقل البضائع فإن عليه أن يبرم العقود اللازمة لكي يتم النقل إلى المكان المحدد بوسائط النقل المناسبة وفقاً للظروف وحسب الشروط المتبعة عادة في مثل هذا النقل، أما إذا لم يكن البائع ملزماً بإجراء التأمين على نقل البضائع، فإن عليه أن يزود المشتري عندما يطلب ذلك، بجميع المعلومات المتوفرة اللازمة لتمكينه من إجراء ذلك التأمين.
ويجب على البائع أن يسلم البضائع في التاريخ المحدد في العقد أو في التاريخ الذي يمكن تحديده بالرجوع إلى العقد، أو في أي وقت خلال المدة المحددة في العقد أو التي يمكن تحديدها بالرجوع إلى العقد، إلا إذا تبيّن من الظروف أن المشتري هو الذي يختار موعداً للتسليم، أو خلال مدة معقولة من انعقاد العقد، في جميع الأحوال الأخرى.
كما يجب البائع حال كان ملزماً بتسليم المستندات المتعلقة بالبضائع، أن يوفي بهذا الالتزام في الزمان والمكان المعينين في العقد وعلى النحو الذي يقتضيه، وإذا كان البائع قد سلَّم هذه المستندات قبل الميعاد المتفق عليه، فله حتى ذلك الميعاد أن يصلح أي نقص في مطابقة المستندات، بشرط ألا يترتب على استعمال هذا الحق مضايقة للمشتري أو تحميله نفقات غير معقولة، ومع ذلك يحتفظ المشتري بالحق في طلب تعويضات وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية.
يجب على البائع أن يسلم بضائع تكون كميتها ونوعيتها وأوصافها وكذلك تغليفها أو تعبئتها مطابقة لأحكام العقد، وما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، لا تكون البضائع مطابقة لشروط العقد إلا إذا كانت:
أ- صالحة للاستعمال في الأغراض التي تستعمل من أجلها عادة بضائع من نفس النوع.
ب- صالحة للاستعمال في الأغراض الخاصة التي أحيط بها البائع علماً، صراحة أو ضمناً، وقت انعقاد العقد، إلا إذا تبيّن من الظروف أن المشتري لم يعتمد على خبرة البائع أو تقديره، أو كان من غير المعقول للمشتري أن يعتمد على ذلك.
ج- متضمنة صفات البضاعة التي سبق للبائع عرضها على المشتري كعينة أو نموذج.
د- معبأة أو مغلفة بالطريقة التي تستعمل عادة في تعبئة أو تغليف البضائع من نوعها، وفي حالة عدم وجود الطريقة المعتادة ، تكون التعبئة والتغليف بالكيفية المناسبة لحفظها وحمايتها.
ويسأل البائع وفقاً لشروط العقد وأحكام هذه الاتفاقية، عن كل عيب في المطابقة يوجد وقت انتقال التبعة إلى المشتري، وإن لم يظهر هذا العيب إلا في وقت لاحق، وكذلك يُسأل البائع عن كل عيب في المطابقة يظهر بعد وقت انتقال التبعة إلى المشتري، وينسب إلى عدم تنفيذ أي من التزاماته، بما في ذلك الإخلال بأي ضمان يقضي ببقاء البضائع خلال مدة معينة صالحة للاستعمال العادي أو للاستعمال الخاص، أو محتفظة بصفاتها أو بخصائصها.
ويجب على البائع أن يسلم بضائع خالصة من أي حق أو ادعاء للغير، إلا إذا وافق المشتري على أخذ البضائع مع وجود مثل هذا الحق أو الادعاء.
وكذلك يكون على البائع أن يسلّم بضائع خالصة، من أي حق أو ادعاء للغير مبني على أساس الملكية الصناعية أو الفكرية كان البائع يعلم به أو لا يمكن أن يجهله وقت انعقاد العقد، بشرط أن يكون ذلك الحق أو الادعاء مبنياً على أساس الملكية الصناعية أو أي ملكية فكرية أخرى وذلك:
أ- بموجب قانون الدولة التي سيعاد فيها بيع البضائع أو استعمالها، إذا كان الطرفان قد توقعا وقت انعقاد العقد أن البضائع ستباع أو تستعمل في تلك الدولة، أو
ب- في الحالات الأخرى بموجب قانون الدولة التي يوجد فيها مكان عمل المشتري.
يجوز للمشتري إذا لم ينفذ البائع التزاماً مما يرتبه عليه العقد أو هذه الاتفاقية، القيام بالآتي:
أ- أن يطلب من البائع تنفيذ التزاماته، إلا إذا كان المشتري قد استعمل حقاً يتعارض مع هذا الطلب، لا يجوز للمشتري في حالة عدم مطابقة البضائع للعقد أن يطلب من البائع تسليم بضائع بديلة إلا إذا كان العيب في المطابقة يشكل مخالفة جوهرية للعقد وطلب المشتري تسليم البضائع البديلة في الوقت الذي يخطر فيه البائع بعدم المطابقة أو في ميعاد معقول من وقت هذا الإخطار، كما يجوز للمشتري في حالة عدم مطابقة البضائع للعقد أن يطلب من البائع إصلاح العيب في المطابقة، إلا إذا كان هذا الإصلاح يشكل عبئاً غير معقول على البائع مع مراعاة جميع ظروف الحال. ويجب طلب الإصلاح إما في وقت الإخطار بوجود العيب في المطابقة وإما في ميعاد معقود من وقت هذا الإخطار.
وأن يحدد للبائع فترة إضافية تكون مدتها معقولة لتنفيذ التزاماته، وفيما عدا الحالات التي يتلقى فيها المشتري إخطاراً من البائع بأنه سوف لا ينفذ التزاماته في الفترة الإضافية المحددة، لا يجوز للمشتري قبل انقضاء هذه الفترة أن يستعمل أي حق من الحقوق المقررة له في حالة مخالفة العقد، غير أن المشتري لا يفقد بسبب ذلك حقه في طلب تعويضات عن التأخير في التنفيذ.
ويجوز للمشتري أن يفسخ العقد إذا كان عدم تنفيذ البائع لالتزام من الالتزامات التي يرتبها عليه العقد أو هذه الاتفاقية يشكل مخالفة جوهرية للعقد، أو في حالة عدم التسليم، إذا لم يقم البائع بتسليم البضائع في الفترة الإضافية التي حددها المشتري أو إذا أعلن أنه سوف لا يسلمها خلال تلك الفترة.
ويجوز للمشتري أن يخفض الثمن، في حالة عدم مطابقة البضائع للعقد وسواء تم دفع الثمن أم لا، حيث يكون الخفض بمقدار الفرق بين قيمة البضائع التي تم تسليمها فعلاً وقت التسليم، وقيمة البضائع المطابقة في ذلك الوقت.
وإذا سلم البائع البضائع قبل التاريخ المحدد، جاز للمشتري أن يستلمها أو أن يرفض استلامها، وإذا سلّم البائع كمية من البضائع تزيد عن الكمية المنصوص عليها في العقد، جاز للمشتري أن يستلم الكمية الزائدة أو أن يرفض استلامها، وإذا استلم المشتري الكمية الزائدة كلها أو جزءاً منها يجب عليه دفع قيمتها بالسعر المحدد في العقد.
ب- يحق للمشتري مطالبة البائع بالتعويض، والذي يتألف من مبلغ يعادل الخسارة التي لحقت بالطرف الآخر والكسب الذي فاته نتيجة للمخالفة، ولا يجوز أن يتجاوز التعويض قيمة الخسارة والربح الضائع التي توقعها الطرف المخالف أو التي كان ينبغي له أن يتوقعها وقت انعقاد العقد في ضوء الوقائع التي كان يعلم بها أو التي كان من واجبه أن يعلم بها كنتائج متوقعة لمخالفة العقد.
وإذا فسخ العقد وحدث على نحو معقول وخلال مدة معقولة بعد الفسخ، أن قام المشتري بشراء بضائع بديلة أو قام البائع بإعادة بيع البضائع، فللمشتري الذي يطالب بالتعويض أن يحصل على الفرق بين سعر العقد وسعر شراء البديل أو السعر عند إعادة البيع، وكذلك التعويضات الأخرى المستحقة.
وأيضاً إذا فسخ العقد وكان هناك سعر جار للبضائع، فللمشتري الذي يطالب بالتعويض، إذا لم يكن قد قام بالشراء أو بإعادة البيع، أن يحصل على الفرق بين السعر المحدد في العقد والسعر الجاري وقت فسخ العقد، وكذلك التعويضات الأخرى المستحقة، ومع ذلك إذا كان المشتري الذي يطلب التعويض قد فسخ العقد بعد تسلمه البضائع، يطبق السعر الجاري وقت تسلم البضائع بدلاً من السعر الجاري وقت فسخ العقد.
ويجب على المشتري الذي يتمسك بمخالفة العقد أن يتخذ التدابير المعقولة والملائمة للظروف للتخفيف من الخسارة الناجمة عن المخالفة، بما فيها الكسب الذي فات، وإذا أهمل القيام بذلك فللطرف المخل أن يطالب بتخفيض التعويض بقدر الخسارة التي كان يمكن تجنبها.
وكل ما سبق يضاف عليه أيضاً، أنه لا يفقد المشتري حقه في طلب التعويضات إذا استعمل حقاً من حقوقه الأخرى في الرجوع على البائع، ولا يجوز للقاضي أو للمحكم أن يمنح البائع أي مهلة لتنفيذ التزاماته عندما يتمسك المشتري بأحد الجزاءات المقررة في حالة مخالفة البائع للعقد.
نقوم في مكتب محمد بن عفيف للمحاماة بتقديم الاستشارات والدراسات القانونية، والتمثيل القانوني لعملائنا المحليين والدوليين في التقاضي داخل وخارج المملكة العربية السعودية، عبر المحاكم التجارية والتحكيم المحلي والدولي.