تتعدد أشكال الشركات التجارية في المملكة العربية السعودية ولكل شكل من هذه الأشكال خصائصه وشروطه، وقد حدد نظام الشركات الجديد أشكال الشركات التي يمكن تأسيسها في المملكة وهي شركة التضامن، وشركة التوصية البسيطة، وشركة المساهمة، وشركة المساهمة المبسطة، والشركة ذات المسؤولية المحدودة، كما يكون لكل نوع من هذه الشركات ذمة مالية تختلف بحسب طبيعة كل شركة، فهناك أشكال تكون فيها الذمة المالية للشركة مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك، وبالعكس توجد أشكال أخرى من الشركات لا تكون فيها الذمة المالية للشركة مستقلة عن الذمة المالية للشريك فيها.
فإذا نظرنا إلى شركة التضامن نجد أن الشركاء فيها مسؤولين شخصياً في جميع أموالهم وبالتضامن عن ديون الشركة والتزاماتها، أي أن الذمة المالية للشركة ليست مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها، وذلك على عكس الشركة ذات المسؤولية المحدودة حيث تعد ذمتها مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها أو المالك لها، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها، ولا يكون المالك لها ولا الشريك فيها مسؤولًا عن هذه الديون والالتزامات إلا بقدر حصته في رأس المال، وكذلك الشركة المساهمة تكون وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها، وتقتصر مسؤولية المساهم على أداء قيمة الأسهم التي اكتتب فيها، وأما إذا نظرنا إلى شركة التوصية البسيطة فنجدها تتكون من فريقين من الشركاء، فريق يضم على الأقل شريكاً من الأفراد أو المنشآت يكون مسؤولاً شخصياً في جميع أمواله وبالتضامن عن ديون الشركة والتزاماتها، وفريق آخر يضم على الأقل شريكاً من الأفراد أو المنشآت موصياً لا يكون مسؤولاً عن ديون الشركة والتزاماتها إلا في حدود حصته في رأس مال الشركة.
ويوفر هذا التنوع في أشكال الشركات والذمة المالية لها تلبية احتياجات المستثمرين، وفي هذا المقال ستجد عزيزي القارئ كل ما يخص الذمة المالية للشركة في المملكة العربية السعودية.
إن الذمة المالية للشركة هي عبارة عن مجموع ما يكون لها من حقوق وما عليها من التزامات مالية، والجدير بالإشارة أن الذمة المالية للشركة تتكون من جانبين وهما كالآتي:
1- الجانب الإيجابي: وهذا الجانب يشمل الحقوق التي تكون للشركة، والتي تتمثل في أصولها وكذلك كل ما تجنيه الشركة أو تكتسبه من أشياء أخرى كالأموال والمعدات وغيرها طوال مدة عملها وبقائها.
2- الجانب السلبي: أما هذا الجانب فهو الذي يشمل إلتزامات الشركة التي تكون عليها، والمتمثل في رأس مالها وبالإضافة للديون التي تكون على الشركة.
تنشأ الذمة المالية للشركة في المملكة العربية السعودية بقيدها في السجل التجاري السعودي، حيث أفادت المادة التاسعة من نظام الشركات السعودي الجديد، أنه تكتسب الشركة الشخصية الاعتبارية بعد قيدها لدى السجل التجاري، ومع ذلك تكون للشركة خلال مدة التأسيس شخصية اعتبارية بالقدر اللازم لتأسيسها، بشرط إتمام عملية التأسيس، كما يترتب على قيد الشركة لدى السجل التجاري، انتقال جميع العقود والأعمال التي أجراها المؤسسون لحسابها إلى ذمتها وتحمُّل الشركة جميع المصروفات التي أنفقوها في سبيل تأسيس الشركة.
وإذا لم تستوفَ إجراءات تأسيس الشركة على النحو المبين في النظام، يكون الأشخاص الذين تعاملوا أو تصرفوا باسم الشركة أو لحسابها مسؤولين شخصياً في جميع أموالهم وبالتضامن في مواجهة الغير عن الأفعال والتصرفات التي صدرت عنهم خلال مدة التأسيس.
يجدر التنويه إلى أنه تتطلب إدارة الذمة المالية للشركة في السعودية اتباع بعض الخطوات الأساسية التي تشمل الآتي:
1- تحديد المصادر التمويلية: يتعين على الشركات المالية في المملكة العربية السعودية تحديد مصادر التمويل المتاحة لها والاعتماد عليها لتعزيز قدرتها على تلبية احتياجات العملاء.
2- اتباع الإجراءات المحاسبية: يجب على الشركات المالية اتباع إجراءات محاسبية صارمة لتحديد ومراقبة الإيرادات والمصروفات وضمان توازن الحسابات.
3- إعداد التقارير المالية: يتعين على الشركات المالية تجهيز نظام محاسبي عالي الجودة لإعداد التقارير المالية اللازمة لإدارة الذمة بشكل سليم.
4- تقييم المخاطر: يتعين على الشركات المالية تقييم المخاطر المحتملة التي يمكن أن تؤثر على عملياتها واتخاذ إجراءات لخفض تأثير تلك المخاطر.
5- استخدام التكنولوجيا: يمكن للشركات المالية استخدام التكنولوجيا المتاحة لها لتحسين إدارة الذمة وتقليل الاختراقات الأمنية وخسارة البيانات.
6- التخطيط الاستراتيجي: يتطلب إدارة الذمة الاستراتيجية تخطيطاً جيداً ووضع أهداف واضحة لتحقيق المصالح المالية للشركة على المدى الطويل.
أوضحت المادة السادسة عشرة من نظام الشركات السعودي الجديد، أن السنة المالية للشركة في السعودية اثني عشر شهراً تُحدد في عقد تأسيسها أو نظامها الأساس، ومع ذلك يجوز أن تحدد السنة المالية الأولى للشركة في المملكة العربية السعودية بما لا يقل عن ستة أشهر ولا يزيد على ثمانية عشر شهراً بدءا من تاريخ قيد الشركة لدى السجل التجاري.
كشفت المادة السابعة عشرة من نظام الشركات السعودي الجديد عن أهم الضوابط التي يتعين على الشركات في السعودية الإلتزام بها لتوضيح مركزها المالي ولتعزيز مبدئ الشفافية في تعاملاتها سواء بين الشركاء أو المساهمين أو التعاملات مع الغير.
حيث يتعين على الشركة الاحتفاظ بالسجلات المحاسبية والمستندات المؤيدة لها لتوضيح أعمالها وعقودها وقوائمها المالية في مركز الشركة الرئيس أو في أي مكان آخر يحدده مدير الشركة أو مجلس إدارتها.
كما تلتزم الشركة بإعداد قوائم مالية لها في نهاية كل سنة مالية وفق المعايير المحاسبية المعتمدة في المملكة، وإيداع هذه القوائم خلال ستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية للشركة لدى المركز السعودي للأعمال الاقتصادية من خلال برنامج الإيداع الإلكتروني للقوائم المالية، كما انه إذا اقتضى إعداد القوائم المالية الأولية أو السنوية حصول الشركة المسيطرة أو التي تمتلك حصصاً أو أسهماً في رأس مال شركة أخرى على معلومات من الشركة المسيطر عليها أو المملوك في رأس مالها حصص أو أسهم، وجب عليها تقديم هذه المعلومات بالقدر الذي يمكن الشركة المسيطرة أو الشركة المالكة من إعداد قوائمها المالية وفق المعايير المحاسبية المعتمدة في المملكة.
بينت المادة الثامنة عشرة من نظام الشركات السعودي الجديد والمادة السادسة من لائحته التنفيذية، أنه يكون للشركة مراجع حسابات أو أكثر من المراجعين المرخص لهم في المملكة يعينه ويحدد أتعابه ومدة عمله ونطاقه الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمون بحسب الأحوال، ويجوز إعادة تعيينه على ألا تتجاوز مدة عمل مراجع الحسابات الفرد عشر سنوات مالية متصلة، وعلى ألا تتجاوز مجموع مدة عمل مراجع الحسابات الشركة عشرين سنة مالية متصلة، وألا تتجاوز مدة عمل الشريك فيها المشرف على المراجعة عشر سنوات مالية متصلة.
كما بينت المادة السابعة من لائحة نظام الشركات، أنه يقدم طلب تعيين مراجع الحسابات مكتوباً إلى مدير الشركة أو مجلس إدارتها، ويجب أن يقدم الطلب قبل ثلاثين يوماً من نهاية السنة المالية للشركة على الأقل، كما يجب على مدير الشركة أو مجلس إدارتها عند تسلم طلب تعيين مراجع الحسابات، دعوة الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين، للتصويت على تعيين مراجع الحسابات.
والجدير بالذكر أن مراجع حسابات الشركة يكون ملتزم وفق المادة العشرون من نظام الشركات السعودي الجديد بالآتي:
1- يجب أن يتصف مراجع حسابات الشركة بالاستقلال وفقاً لما تحدده المعايير المهنية المعتمدة في المملكة.
2- لا يجوز الجمع بين عمل مراجع الحسابات والاشتراك في تأسيس الشركة التي يراجع حساباتها أو إدارتها أو عضوية مجلس إدارتها، ولا يجوز أن يكون مراجع الحسابات شريكاً لأي من مؤسسي الشركة أو مديريها أو أعضاء مجلس إدارتها أو عاملاً لديه أو قريباً له، ولا يجوز له شراء حصص أو أسهم في الشركة التي يراجع حساباتها أو بيعها خلال مدة المراجعة.
3- لا يجوز لمراجع حسابات الشركة القيام بعمل فني أو إداري أو استشاري في الشركة التي يراجع حساباتها أو لمصلحتها، ومن ناحية أخرى تحدد الأعمال التي يجوز لمراجع حسابات الشركة القيام بها وفقاً لما ورد في ميثاق سلوك وآداب مهنة المحاسبة المعتمد في المملكة، وما تصدره الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين من تعليمات بهذا الشأن.
4- على مراجع الحسابات أن يقدم إلى الشركاء أو الجمعية العامة في اجتماعها السنوي أو المساهمين، تقريراً عن القوائم المالية للشركة يعد وفقاً لمعايير المراجعة المعتمدة في المملكة ويضمنه موقف إدارة الشركة من تمكينه من الحصول على البيانات والإيضاحات التي طلبها، وما يكون قد تبين له من مخالفات لأحكام النظام أو عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس في حدود اختصاصه، ورأيه في مدى عدالة القوائم المالية للشركة، ويجب أن يتلو مراجع الحسابات تقريره أو أن يستعرض ملخصاً له في اجتماع الجمعية العامة السنوي، أو أن يعرض التقرير بالتمرير بحسب الأحوال.
5- لا يجوز لمراجع الحسابات أن يفشي إلى الشركاء أو المساهمين في غير الجمعية العامة أو إلى الغير ما وقف عليه من أسرار الشركة بسبب قيامه بعمله، وإلا جازت مطالبته بالتعويض فضلًا عن الحق في عزله.
والجدير بالإشارة أنه يكون مراجع الحسابات مسؤولاً عما ورد في تقريره، وعن كل ضرر يصيب الشركة أو الشركاء أو المساهمين أو الغير بسبب الأخطاء التي تقع منه في أداء عمله، وإذا كان للشركة أكثر من مراجع حسابات كانوا مسؤولين بالتضامن، إلا مَن يثبت منهم عدم اشتراكه في الخطأ الموجب للمسؤولية.
وفي سبيل قيام مراجع حسابات الشركة لعمله، يكون لمراجع الحسابات في أي وقت الاطلاع على وثائق الشركة وسجلاتها المحاسبية والمستندات المؤيدة لها، وله طلب البيانات والإيضاحات التي يرى ضرورة الحصول عليها للتحقق من أصول الشركة والتزاماتها، وغير ذلك مما يدخل في نطاق عمله، وعلى مدير الشركة أو مجلس إدارتها تمكينه من أداء واجبه، وإذا صادف مراجع الحسابات صعوبة في هذا الشأن أثبت ذلك في تقرير يقدم إلى المدير أو مجلس الإدارة، فإذا لم ييسر المدير أو مجلس الإدارة عمل مراجع الحسابات، وجب عليه أن يطلب منهم دعوة الشركاء أو المساهمين إلى الاجتماع أو الجمعية العامة إلى الانعقاد للنظر في الأمر، ويجوز لمراجع الحسابات توجيه هذه الدعوة إذا لم يوجهها المدير أو مجلس الإدارة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ طلب مراجع الحسابات.
فوفق ما أوضحنا أن الذمة المالية للشركة يوجد جانب منها يتكون من رأس مالها، فإنه ينتج عن تشغيل وإدارة واستثمار رأس المال هذا جني أرباح، حيث أنه بموجب المادة الثالثة والعشرون من نظام الشركات السعودي الجديد، يتقاسم جميع الشركاء الأرباح والخسائر بحسب نسبة حصة كل منهم في رأس المال، فإن اتفق على حرمان أي منهم من الربح أو على إعفائه من الخسارة، عُد هذا الاتفاق كأن لم يكن ومع ذلك، يجوز الاتفاق في عقد تأسيس الشركة على تفاوت نسب الشركاء في الأرباح والخسائر، كما أنه وفق المادة الثانية والعشرون من ذات النظام، يجوز توزيع أرباح سنوية أو مرحلية من الأرباح القابلة للتوزيع على الشركاء أو المساهمين في شركات المساهمة والمساهمة المبسطة وذات المسؤولية المحدودة.