تعمل المملكة العربية السعودية على مواكبة التطورات الإقتصادية العالمية، كما تطلع إلى مستقل أكثر إشراقاً وفق رؤيتها لعام 2030م، ولهذا تحرص على تطوير وتحديث كافة التشريعات والأنظمة التي تغطى المجالات الإستثمارية في المملكة العربية السعودية، وعلى رأس تلك الأنظمة نظام الشركات السعودي، فقد ظلت تعمل المملكة العربية السعودية على تحديث هذا النظام على مر السنوات الماضية حتى توصلت مؤخراً لإصدار نظام شركات الجديد والذي تم نشره في الجريدة الرسمية أم القرى بتاريخ 23 ذي الحجة 1443هـ الموافق 22 يوليه 2022م، حيث يعد هذا الإصدار الأخير خير نظام يعمل على تسهيل إجراءات تأسيس الشركات في السعودية وإداراتها، كما أن نظام الشركات السعودي الجديد أتى كعلاج فعال لجميع الإشكاليات التي كانت تقابل رواد الأعمال والمستثمرين السعوديين والمستثمرين الأجانب في المملكة العربية السعودية، كما جاء هذا النظام متوافق مع متطلبات أنظمة التجارة الدولية وقادر على تحقيق التنافسية للإقتصاد السعودي بين دول العالم، بجانب شمول الأنشطة التجارية بالحماية التشريعية وتسهيل إجراءاتها.
وكذلك يعد أهم ما يميز نظام الشركات الجديد ويبرز دوره في الإقتصاد السعودي هو شموله على العديد من أنواع الشركات سواء التجارية أو الغير ربحية أو الشركات المهنية، وإذا تحدثنا عن الشركات المهنية في السعودية هذا النوع المميز المنصوص عليه في نظام الشركات الجديد، فالشركات المهنية في المملكة العربية السعودية تختلف إختلاف كبير عن الشركات التجارية، فهي شركات يتم تأسيسها لممارسة المهن الحرة من خلالها، وهذا لا يعنى أنها تختلف عن مفهوم الشركة من ناحية كونها كياناً قانونياً يؤسس لجلب الربح، ومن هذا المنطلق سوف نعرض لكم في هذا المقال المميز كافة النقاط الخاصة والهامة عن كيفية تأسيس الشركات المهنية في السعودية، بداية من تعريف الشركة المهنية وبيان أشكالها النظامية والوثائق اللازمة لتأسيسها، وكيفية إختيار إسم الشركة المهنية، وطلب تأسيس الشركة وقيدها في السجل التجاري وصولاً إلى ممارسة الشركة لأغراضها، وكيفية الرقابة والإشراف على أعمال الشركة المهنية.
عرفت المادة السابعة والتسعون بعد المائة من نظام الشركات الجديد الشركات المهنية على إنها شركة يؤسسها شخص أو أكثر من المرخص لهم نظاماً في ممارسة مهنة حرة واحدة أو أكثر، أو منهم مع غيرهم، ويكون غرضها ممارسة تلك المهن، وذلك مثل مهنة الطب والمحاماة والهندسة والمحاسبة إلى غير ذلك من المهن الحرة.
بينت المادة الثامنة والتسعون بعد المائة من نظام الشركات الجديد أن الشركات المهنية يمكن أن تؤسس في المملكة العربية السعودية بأي شكل من أشكال الشركات التجارية المنصوص عليه في المادة الرابعة من ذات النظام، بحيث يمكن أن تتخذ شكل شركة تضامن أو شركة توصية بسيطة أو شكل شركة مساهمة أو شركة مساهمة مبسطة أو شكل شركة ذات مسؤولية محدودة، كما أنه أيضاً بموجب المادة التاسعة والتسعون بعد المائة من ذات النظام في فقرتها الأولى تسري على الشركة المهنية فيما لم يرد به نص خاص الأحكام الخاصة بشكل الشركة الذي تتخذه وبما لا يتعارض مع طبيعتها، وكذلك يتم تأسيس الشركات المهنية في السعودية بموجب الفقرة الأولى من المادة الثانية بعد المائتان وفق إجراءات التأسيس المقررة لشكل الشركة الذى تتخذه.
نصت المادة المائتان من نظام الشركات الجديد على أنه للأشخاص المرخص لهم في ممارسة مهنة حرة واحدة أن يؤسسوا فيما بينهم شركة مهنية بأي شكل من الأشكال المحددة في نظام الشركات الجديد، كما يحق للشخص المرخص له في ممارسة مهنة حرة واحدة تأسيس شركة مهنية مساهمة أو تأسيس شركة مهنية مساهمة مبسطة أو تأسيس شركة مهنية ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد لممارسة مهنته من خلالها، وإذا كان مرخص له في ممارسة أكثر من مهنة حرة، فله ممارستها كلها أو بعضها من خلال الشركة، وذلك بعد إستيفاء الشروط والضوابط التي تحددها اللوائح، كما أنه يجوز تأسيس شركة مهنية في السعودية من مرخص لهم في ممارسة أكثر من مهنة حرة، ويجوز كذلك تأسيس شركة مهنية مشاركة بين مرخص لهم في ممارسة مهنة حرة واحدة أو أكثر وشركة مهنية غير سعودية، هذا بالإضافة لجواز المشاركة أو المساهمة في الشركة المهنية ما عدا شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة بصفة الشريك المتضامن شخص ذو صفة طبيعية من غير المرخص لهم بممارسة المهنة أو المهن الحرة محل نشاطها، أو شخص ذو صفة إعتبارية.
وقد بينت المادة الأولى بعد المائتين من نظام الشركات الجديد أنه لا يجوز للشريك في شركة مهنية ولا للمساهم فيها، الممارسين لمهنة حرة، المشاركة ولا المساهمة في شركة مهنية أخرى تمارس المهنة الحرة ذاتها، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي على ذلك، ودون إخلال بالأنظمة ذات العلاقة.
حيث أنه وفق ما سبق الإشارة له بأن الشركات المهنية يسرى عليها أحكام الشكل الذى تتخذه، كما أنه أيضاً يتبع في تأسيسها الإجراءات المتبعة وفق الشكل الذى إتخذته، فإن المادة السابعة من نظام الشركات الجديد بينت أنه يكون لكل شركة تؤسس وفقاً لأحكام النظام عقد تأسيس، عدا شركة المساهمة وشركة المساهمة المبسطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة المملوكة لشخص واحد، فيكون لكل منها نظام أساسي، ويجب أن يشتمل عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي على الأحكام والشروط والبيانات التي يتطلبها النظام وبما يتناسب مع شكل الشركة.
ومن أهم البيانات الواجب تضمينها سواء في عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي، أسماء وعناوين الشركاء أو المساهمين والمديرين أو أعضاء مجلس الإدارة، ومهنهم، وجنساياتهم، ووسائل الإتصال بهم، وإسم وعنوان الجهة المختصة في موطن الشركة المهنية غير السعودية، ووسائل الإتصال بها، وكذلك إسم الشركة، ومركز الشركة الرئيسي، وبريدها الإلكتروني، ورأس مال الشركة ومقدار المدفوع منه، غرض الشركة، ومدة الشركة، وإدارة الشركة، وكيفية توزيع الأرباح والخسائر، والسنة المالية للشركة، وإنقضاء الشركة، هذا بالإضافة لبعض البيانات الأخرى حسب شكل الشركة النظامي التي تتخذه الشركة المهنية.
كما أكدت المادة الثامنة من نظام الشركات الجديد على ضرورة كتابة عقد التأسيس ونظام الشركة الأساسي للشركة المهنية وإلا كانت الشركة باطلة، كما يجب أيضاً وفق المادة السابعة أن يكون عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي مكتوباً باللغة العربية، بالإضافة لجواز أن يكون مقروناً بترجمة إلى لغة أخرى.
تم بيان كافة الضوابط المتعلقة بتسمية الشركة المهنية في المادة الخامسة من نظام الشركات الجديد، حيث يمكن تسميتها باللغة العربية أو أي لغة أخرى، كما يجوز أن يكون إسم الشركة المهنية مشتق من غرضها، أو إسماً مميزاً، أو إسم واحد أو أكثر من الشركاء أو المساهمين فيها الحاليين أو السابقين، أو منها معاً، مع مراعاة ألا يكون مخالف لنظام الأسماء التجارية والأنظمة الأخرى واللوائح المعمول بها في المملكة العربية السعودية، كما يجب الحصول على موافقة الشريك أو المساهم، أو ورثته إذا توفي ولم يوافق، وذلك في الحالة التي يشتمل فيها الإسم التجاري على أي من أسماء الشركاء أو المساهمين السابقين في الشركة، وكذلك يستوجب إضافة ما يبين الشكل النظامي للشركة المهنية بجانب إسمها الذي إتخذته، ويجوز تعديل إسم الشركة المهنية وفقاً للأوضاع المقررة لتعديل عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي، ولا يترتب على تعديل إسم الشركة المهنية المساس بحقوق الشركة أو إلتزاماتها أو الإجراءات النظامية التي إتخذتها أو اتخذت في مواجهتها قبل التعديل.
أكدت المادة السادسة من نظام الشركات الجديد على ضرورة تقديم مؤسسي الشركة المهنية طلب بتأسيس الشركة وقيدها إلى السجل التجاري مرفقاً به عقد التأسيس أو النظام الأساسي للشركة والبيانات والوثائق اللازمة وفق شكل الشركة النظامي، ويبت السجل التجاري في طلب التأسيس المستوفي البيانات والوثائق اللازمة، ويترتب على رفض السجل التجاري لطلب تأسيس الشركة المهنية في السعودية أن يكون رفضه للطلب مسبباً، كما يحق للمؤسسين التظلم أمام وزارة التجارة خلال ستين يوم من تاريخ إبلاغهم برفض الطلب، وكذلك في حال رفض التظلم أو إذا لم يبت فيه خلال ثلاثين يوم من تاريخ تقديمه يحق للمؤسسين التظلم أمام الجهة القضائية المختصة.
يؤدى قيد الشركة المهنية في السجل التجاري إلى إكتساب الشركة للشخصية الإعتبارية، ومع ذلك تكون للشركة خلال مدة التأسيس شخصية إعتبارية بالقدر اللازم لتأسيسها، بشرط إتمام عملية التأسيس، حيث تعتبر الشخصية الإعتبارية للشركة بمثابة إعتراف للشركة بوجود ذمة مستقلة لها عن ذمة الشركاء، وأيضاً الإعتراف بقابليتها على تحمل الإلتزامات وإكتساب الحقوق.
يترتب أيضاً على قيد الشركة المهنية في السجل التجاري وفق المادة العاشرة والمادة الرابعة بعد المائتان من نظام الشركات الجديد، قدرة الشركة على مزاولة الأغراض التي تأسست من أجلها، بحيث تزاول الشركة المهنية المهنة أو المهن الحرة محل نشاطها فقط، ولا يحق للشركة المهنية ممارسة الأعمال التجارية، ومع ذلك، يجوز لها تملك الأصول العقارية وإستثمار أموالها في العقارات أو الأوراق المالية أو أي نوع آخر من الاستثمارات لخدمة أغراضها، كما بينت المادة الثالثة بعد المائتان من ذات النظام أن الشركة المهنية لا تمارس المهنة أو المهن الحرة محل نشاطها إلا عن طريق الشركاء أو المساهمين المرخص لهم، ومع ذلك، يجوز لها الإستعانة في أعمالها بأشخاص آخرين مرخص لهم بممارسة المهنة أو المهن محل نشاطها، شريطة أن يخضعوا في ذلك لإشراف الشركة ومسؤوليتها.
أفادت المادة التاسعة والتسعون بعد المائة من نظام الشركات الجديد بأنه لا يكتسب الشريك أو المساهم في الشركة المهنية أيا كان شكلها، صفة التاجر تبعاً لشراكته أو ملكيته للحصص أو الأسهم في الشركة.
بينت المادة الخامسة بعد المائتان من نظام الشركات الجديد أن الشركة المهنية تخضع في ممارسة المهنة أو المهن الحرة محل نشاطها لإشراف الجهة أو الجهات المعنية نظاماً بالإشراف على ممارسة تلك المهن، كما تلتزم الشركة المهنية بالتقيد بأحكام الأنظمة واللوائح التي تضعها الجهة أو الجهات المعنية وفق إختصاصها، وكذلك يحق للجهة المعنية الإطلاع على سجلات الشركة المهنية ووثائقها والتفتيش عليها في حدود إختصاصها وذلك للتحقق من إلتزامها بأحكام الأنظمة ذات العلاقة بالمهنة الحرة محل نشاطها، وعلى الشركة المهنية الإلتزام بتقديم ما يطلب منها.