يتميز نظام الشركات السعودي الجديد بالعديد من المميزات عن ما سبقه من أنظمة كانت تنظم مجال تأسيس الشركات في المملكة، فمن المعروف أن تأسيس الشركات في السعودية يعد من أفضل مجالات الإستثمار فيها، فهي الكيانات القانونية التي يستهدف منها الربح بالأخص، ومن جانب أخر تحرص المملكة متمثلة في المنظم السعودي في الأساس على تطوير وتحديث كافة الأنظمة والتشريعات التي تساهم في تنشيط مجالات الإستثمار ومواكبة كافة التغيرات التي تطرأ عليه، وهذا ما كشف عنه نظام الشركات الجديد، من حيث تسهيل كافة الضوابط المنظمة لتأسيس الشركات التجارية بكافة أشكالها المنصوص عليها في النظام، فكما أضاف نظام الشركات الجديد أنواع جديد من الشركات لم يكن لها وجود نظامي في المملكة من قبل كشركة المساهمة المبسطة وأيضاً ألغى نوع من الشركات كان يتم التعامل من خلاله في بعض الأحيان كشركة المحاصة، إهتم النظام الجديد أيضاً بضوابط وإجراءات تأسيس أنواع الشركات الأخرى سواء كانت شركات أشخاص كشركة التضامن أو التوصية البسيطة، أو شركات الأموال كشركات المساهمة كما إهتم أيضاً بنوع من الشركات له من الطبيعة المزدوجة ما يميزه عن باقي أنواع الشركات، فهذا النوع هو مزيج من شركة أشخاص وأموال في آن واحد، وقد سمى النظام هذا النوع من الشركات بالشركة ذات المسؤولية المحدودة، حيث يعد هذا النوع من أنواع الشركات المفضل تأسيسها في المملكة العربية السعودية خاصة بعد ما أضافه نظام الشركات الجديد من تسهيلات سواء بالنسبة لتأسيسها أو إداراتها، ومن هذا المنطلق وعلى أثر أهمية تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة في السعودية كأحد أهم وأنجح أنواع الشركات في المملكة سوف نضع بين يدك عزيزي المستثمر المعرفة الكاملة بخصوص كيفية تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة في السعودية.
يجب عليك كمستثمر في بادئ الأمر واستناداً على ما سبق، معرفة ما هي الشركة ذات المسؤولية المحدودة خاصة للوقوف على ماهية طبيعتها المزدوجة السابق ذكرها، فشركة المسؤولية المحدودة وفق تعريف المادة السادسة والخمسون بعد المائة من نظام الشركات السعودي الجديد، عبارة عن شركة يؤسسها شخص واحد أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الإعتبارية، وتعد ذمتها مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها أو المالك لها وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والإلتزامات المترتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها، ولا يكون المالك لها ولا الشريك فيها مسؤول عن هذه الديون والإلتزامات إلا بقدر حصته في رأس المال.
جاء نظام الشركات الجديد واضعاً كافة الضوابط التي إذا تم إتباعها بدقة سينتج عنها تأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة في السعودية بصورة صحيحة نظامياً، حيث يعد من أهم تلك الضوابط المتبعة في التأسيس ما يلي: -
أوجبت المادة السابعة والثامنة من نظام الشركات الجديد أن يكون للشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤسسة في المملكة العربية السعودية عقد تأسيس مكتوب يشتمل على الأحكام والشروط والبيانات التي يتطلبها النظام، كالمنصوص عليها في المادة الثامنة والخمسون بعد المائة من ذات النظام، حيث يجب أن يشتمل عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة بصفة خاصة على أسماء الشركاء وبياناتهم، وإسم الشركة، والمركز الرئيسي للشركة، وغرض الشركة، ورأس مال الشركة وتوزيعه على الشركاء، وإقرار الشركاء بالوفاء بقيمة الحصص، ومدة الشركة، وإدارة الشركة، والتنازل عن الحصص، ووسيلة توجيه الإبلاغات التي قد توجهها الشركة إلى الشركاء، وقرارات الشركاء، وكيفية توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء ، وتاريخ بدء السنة المالية وإنتهائها، وإنقضاء الشركة، هذا بالإضافة لأي أحكام أو شروط أو بيانات أخرى يتفق الشركاء على تضمينها في عقد تأسيس الشركة شريطة ألا تتعارض مع أحكام النظام.
كما أنه إذا رجعنا للمادة السابعة السابق الإشارة لها، فنجد إنها أكدت على ضرورة كتابة عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة باللغة العربية، وهذا لا يمنع أن يتم إقتران هذا العقد بترجمة لأي لغة أخرى، وكذلك يتم إعداد نموذج تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من قبل وزارة التجارة للعمل بموجبه.
والجدير بالذكر أن نظام الشركات فرق بين وثيقة تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة في السعودية من ناحية إذا كانت الشركة مؤسسة من عدة شركاء أو مملوكة قبل شخص واحد، بحيث أنه في حال كانت مؤسسة من عدة شركاء يشترط وجود عقد تأسيس لها، أما في حال كانت مملوكة من قبل شخص واحد فيكون لها ما يسمى بالنظام الأساسي، وذلك وفق الفقرة الأولى من المادة السابعة والفقرة الثانية من المادة السابعة والخمسون بعد المائة من نظام الشركات الجديد.
وضع نظام الشركات الجديد الضوابط المنظمة لتسمية الشركات التجارية المؤسسة في المملكة العربية السعودية والتي يجب أن يحتذى بها في تسمية الشركة ذات المسؤولية المحدودة، حيث أوضحت المادة الخامسة من نظام الشركات السعودي الجديد أنه يكون للشركة إسم تجارى سواء كان هذا الإسم باللغة العربية أو بأي لغة أخرى أيا كانت، كما أنه يحق أن يتخذ في إسم الشركة ما يكون مشتق من غرضها الذي أسست من أجله، ويجوز أيضاً أن يكون إسمها مميزاً أو أن يتم تسميتها بإسم واحد أو أكثر من الشركاء أو المساهمين فيها الحاليين أو السابقين، أو منها معاً، وكذلك من الضرورة أن يراعى عند تسمية الشركة ذات المسؤولية المحدودة أن لا يكون إسمها مخالف لنظام الأسماء التجارية والأنظمة الأخرى واللوائح المعمول بها في المملكة العربية السعودية، كل هذا بالإضافة لضرورة إقتران إسم الشركة ذات المسؤولية المحدودة بما يبين شكلها النظامي.
يعد رأس المال في مجال الإستثمار عبارة عن الموارد المالية التي تستخدمها الشركات من أجل تمويل نشاطها التجاري، فرأس مال الشركة هو عنصر أساسي في تأسيسها، فلهذا جاء نظام الشركات السعودي الجديد ملماً بكافة الضوابط التي تحكم رأس المال الخاص بالشركة ذات المسؤولية المحدودة، حيث نصت المادة الرابعة والسبعون بعد المائة من نظام الشركات على أن مقدار رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة متروك تحديده للشركاء فيما بينهم في عقد تأسيسها، ولكن يشترط أن يقسم رأس مال الشركة إلى حصص متساوية القيمة، وتكون تلك الحصة غير قابلة للتجزئة والتداول، كما أنه أيضاً وفق المادة الثالثة عشر من ذات النظام يجوز أن تكون حصة الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة نقدية أو عينية، أو الإثنتين معاً.
كما أنه في حال وجود حصص عينية في رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة، فإنه بموجب نص المادة التاسعة والخمسون بعد المائة من نظام الشركات يتبع في تقييمها الأحكام المنصوص عليها في المادة الحادية والأربعين بعد المائة من ذات النظام والتي تنص على إنه إذا قدمت حصص عينية عند تأسيس الشركة لا يتجاوز مجموع قيمتها نصف رأس مال الشركة، فلا يجب تقييمها من مقيم معتمد، ما لم يتفق المؤسسون أو المساهمون على غير ذلك، ومن زاوية أخرى إذا تجاوزت قيمة الحصص العينية المقدمة عند تأسيس الشركة نصف رأس مالها، وجب تقييمها من مقيم معتمد أو أكثر، ويعرض تقرير المقيم على المؤسسين أو المساهمين، للمداولة فيه، ولا يكون لمقدمي الحصص العينية المشاركة في التصويت على القرار بشأن التقرير المعد عنها، وفى حال قرر المؤسسون أو المساهمون تخفيض المقابل المحدد للحصص العينية، وجب الحصول على موافقة مقدمي تلك الحصص على ذلك التخفيض، وكذلك يكون المؤسسون مسؤولين شخصياً في جميع أموالهم في مواجهة الغير عن عدالة تقدير هذه الحصص وأداء الفرق نقدًا إلى الشركة إذا لم تقيم الحصص العينية من مقيم معتمد أو إذا قُيمت الحصص بغير تقدير المقيم المعتمد المعين.
حسب المادة السادسة من نظام الشركات السعودي الجديد يجب على مؤسسي الشركة ذات المسؤولية المحدودة تقديم طلب تأسيس الشركة وقيدها إلى السجل التجاري مرافق له عقد التأسيس أو النظام الأساسي والبيانات والوثائق اللازمة وفق شكل الشركة، فيجب أن يرفق بعقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة وفق الفقرة الثانية من المادة الثامنة والخمسون بعد المائة من ذات النظام إقرار المؤسسين بالإلتزام بجميع متطلبات النظام ذات الصلة بتأسيس الشركة وبيان أو تقرير مُعد من مقيم معتمد أو أكثر يُبين فيه القيمة العادلة للحصص العينية إن وجدت، وإقرار من باقي المؤسسين بالموافقة على المقابل المحدد لها.
يبت السجل التجاري في الطلب تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة وفق الفقرة الثانية من المادة السادسة حال كان طلب التأسيس مستوفي البيانات والوثائق اللازمة وفق أحكام نظام الشركات، فإذا قام السجل التجاري برفض طلب تأسيس الشركة ذات المسئولية المحدودة فيتوجب عليه تسبيب رفضه لطلب التأسيس، بجانب توافر حق المؤسسين في التظلم أمام وزارة التجارة خلال ستين يوم من تاريخ إبلاغهم برفض طلب التأسيس، كما أنه أيضاً في حال تم رفض التظلم المرفوع أمام وزارة التجارة أو لم يبت فيه خلال ثلاثين يوم من تاريخ تقديمه، فإنه يحق للمؤسسين التظلم من رفض طلب التأسيس أمام الجهة القضائية المختصة.
إذا تحدثنا عن الأثار المترتبة على تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة في السعودية، فيجب أن نفرق إذا كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة كانت قد تأسست من عدة شركاء أم من خلال شخص واحد، فإذا كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة كانت قد تأسست من عدة شركاء، فإنه وفق نظام الشركات السعودي الجديد يترتب على ذلك ما يلي: -
الشخصية الإعتبارية يقصد بها الشخصية مستقلة للشركة عن شخصية المؤسسين لها، بحيث تتمكن بموجب تلك الشخصية من تحقيق الأهداف أو الغايات التي من أجلها تم تأسيسها في المملكة العربية السعودية، فالمادة التاسعة من نظام الشركات السعودي الجديد بينت أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة تكتسب الشخصية الإعتبارية بعد قيدها لدى السجل التجاري، بجانب وجود شخصية إعتبارية لها خلال مدة التأسيس بالقدر اللازم لتأسيسها شريطة إتمام عملية التأسيس، كما أنه يترتب على قيد الشركة لدى السجل التجاري أيضا إنتقال جميع العقود والأعمال التي أجراها المؤسسون لحسابها إلى ذمتها وتتحمل الشركة جميع المصروفات التي أنفقوها في سبيل تأسيس الشركة.
أوضحت المادة العاشرة من نظام الشركات السعودي الجديد، أنه بمجرد قيد الشركة ذات المسؤولية المحدودة لدى السجل التجاري والحصول أيضاً على كافة التراخيص اللازمة لها، تتمكن حينها من مزاولة كافة الأغراض التي تم تأسيسها من أجلها في المملكة العربية السعودية.
هذا وعلى جانب أخر، فإذا كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة قد تأسست من شخص واحد، فإنه يكون لمؤسسها صلاحيات وسلطات المدير ومجلس إدارة الشركة والجمعية العامة للشركاء، وتصدر قراراته كتابة، وتدون في سجل خاص لدى الشركة، كما يجوز لمؤسسها أيضاً تعيين مدير أو أكثر يكون هو الممثل للشركة أمام القضاء وهيئات التحكيم والغير، ويكون مسؤول عن إدارة الشركة أمام الشريك المالك لحصص الشركة.