البنوك في المملكة العربية السعودية، ذاك الشخص الطبيعي أو الإعتباري الذي يزاول أي عمل من الأعمال المصرفية بصفة أساسية في المملكة، فالبنوك في السعودية هي الكيانات الإقتصادية الكبرى التي تعمل على التوفير والإستثمار، وإدارة الأموال، والتمويل، وكذلك تعمل البنوك في السعودية على تسهيل عملية العرض والطلب على الأموال، ولعل من المستفيد أن ننوه أن أصل البنوك يرجع إلى العصور القديمة ولكن مع تطور العصور بالأخص عصر النهضة في إيطاليا ظهرت كلمة بنك في مدينة البندقية وتلك الكلمة مشتقة من كلمة بانكو وتعني المصطبة وهي تشير إلى المنضدة التي يقف عليها الصراف لتحويل العملة ثم تطور معناها بعد ذلك إلى المصرف، وأول بنك تجاري أسس كان عام 1517م في مدينة البندقية حتى سار إزياد البنوك في كل مكان في العالم وخاصة مع التطورات التي اصطحبت الكثير من المجالات حول العالم، ورجوعاً إلى مقصدنا، فالبنوك أو المصارف في المملكة العربية السعودية تشهد وتواكب التطورات التي يشهدها العالم أجمع دون تأخير، بل باتت تؤكد على أهمية دورها في المملكة كشريك إستراتيجي وشريك داعم لرؤية السعودية لعام 2030م، من حيث تطوير القطاع المالي وتقديم أفضل وأرقى الخدمات للعملاء، وتأكيداً على نهج المملكة الصحيح والداعم لقطاع البنوك والمصارف فيها، هو إنشاء البنك المركزي السعودي فهو الجهة المخولة بإصدار تراخيص البنوك في المملكة، كما أنه يتولى المحافظة على الإستقرار المالي في المملكة، بجانب دعمه للنمو الإقتصادي المتوازن، حيث يلتزم البنك المركزي السعودي بتطبيق أفضل الممارسات الدولية ذات العلاقة والمحافظة على كفاءة رأس المال البشري، ولعلك بعد قراءة كل ما سبق تريد التعرف على كيفية أن تحظى بفرصة الإستثمار في المملكة من خلال تأسيس بنك والإطلاع على أنواع الأعمال المصرفية، وتريد الإلمام بكافة أنواع البنوك التي يمكن تأسيسها في السعودية، ولعلك تريد أيضاً معرفة كافة الإلتزامات التي يجب على البنك في المملكة العربية السعودية إتباعها، فكل تلك الأسئلة سنقوم بالرد عليها هنا وفق الأنظمة المعمول بها في المملكة والمتعلقة بمجال البنوك.
أوضح نظام مراقبة البنوك السعودي في مادته الأولى أن مصطلح الأعمال المصرفية يشمل أعمال تسلم النقود كودائع جارية أو ثابتة بحيث يتم جعل المال في عهدة البنك ليحفظه، ولتسهيل تداوله في معاملاته وإستثماره وتنميته والتربح منه، وأيضاً فتح الحسابات الجارية وفتح الإعتمادات والتي تتم بطلب العميل من البنك مساعدته في إتمام صفقة تجارية قد عقدها مع الغير ومساهمته في تسديد ثمنها، وإصدار خطابات الضمان، ودفع وتحصيل الشيكات أو الأوامر أو أذون الصرف وغيرها من الأوراق ذات القيمة، وخصم السندات والكمبيالات وغيرها من الأوراق التجارية، وأعمال الصرف الأجنبي، وغير ذلك من أعمال البنوك.
بين نظام مراقبة البنوك السعودي، أنه يوجد عدة أنواع من البنوك التي يمكن تأسيسها في المملكة العربية السعودية، بحيث يمكن تأسيس البنوك الوطنية وهي البنوك التي يكون مركزها الرئيسي في المملكة، وما له من فروع فيها، وكذلك يمكن أيضاً تأسيس البنوك الأجنبية وهي البنوك التي يكون مركزها الرئيسي خارج المملكة، وما له من فروع داخل المملكة.
كما يكون جديراً بالذكر، أنه يوجد أيضاً مسميات أو أشكال للبنوك التي يمكن تأسيسها في السعودية سواء كانت وطنية أو أجنبية، ومن أشكال ومسميات البنوك في السعودية ما يلي: -
1- البنوك التجارية
تعد تلك البنوك هي أكثر الأنواع إنتشاراً في المملكة والعالم ككل، فالبنوك التجارية تتصف في تعاملاتها مع العملاء بصيغة واحدة هي القرض بفائدة، بحيث تعمل على إقتطاع نسبة فائدة معينة من العملاء نتيجة تأدية خدمات الإقتراض، كما أن البنوك التجارية تتاجر بالأموال، وذلك من خلال أخذ الأموال من العملاء وإعطائها لطرف آخر وربحه من فرق الفوائد.
2- البنوك الإسلامية
تحتل البنوك الإسلامية في المملكة موقع الصدارة، حيث باتت تلك البنوك تمثل أهم شبكات التمويل الإسلامي في المملكة العربية السعودية، فالبنوك الإسلامية تتميز بعدم قيامها على النظام الربوي بل تقدم خدماتها للعملاء من منظور إسلامي، وذلك من خلال مشاركة البنك والعميل في إقتسام الأرباح والخسائر حسب الإتفاق، وأيضاً المضاربة حيث يتم في حالة الربح إقتسام الأرباح حسب الإتفاق، بينما في حالة الخسارة يتحمل صاحب رأس المال الخسارة والبنك هنا يفقد مجهوده فقط، وكذلك تعمل البنوك الإسلامية في السعودية بنظام المرابحة والذي يكون سبب هام في ربح هذا النوع من البنوك، وكمثال على ذلك قيام البنك الإسلامي بشراء منتج للعميل وبيعه له لقاء ربح معلوم بموافقة العميل.
3- البنوك الإستثمارية
البنوك الإستثمارية في المملكة العربية السعودية تتعامل بالأسهم والسندات للشركات وتوفير العديد من الخدمات المالية، والبنوك الإستثمارية يكون هدفها الرئيسي التعامل مع الشركات الكبرى والأفراد أصحاب الملاءة المالية العالية، ومن ناحية أخرى فأن البنوك الإستثمارية لا تقدم القروض ولا تقبل ودائع المودعين.
4- البنوك الرقمية
حيث جاءت البنوك الرقمية نتيجة للتطورات التكنولوجية التي أصبحت تلازم كافة مجالات الحياة، ومنها المجال المتعلق بالأموال، ففكرة البنوك الرقمية من ضمن الأفكار المتطورة التي رحبت بها المملكة العربية السعودية بشكل سريع وعملت على إصدار تراخيص لها، فهذا النوع من البنوك يعمل على تقديم الخدمات والعمليات المصرفية بكافة أنواعها من خلال المنصات الإلكترونية والمواقع الإلكترونية وذلك بإستخدام التقنيات التكنولوجية المتطورة والحديثة.
أكدت المادة الثالثة من نظام مراقبة البنوك السعودي أنه يجب تقديم طلب منح الترخيص لمزاولة الأعمال المصرفية في المملكة إلى البنك المركزي السعودي، والذي يقوم بعد حصوله على كافة البيانات الضرورية بدراسة الطلب وتقديم توصياته بشأنه لوزير المالية، كما أفادت ذات المادة بضرورة توافر بعض المتطلبات لترخيص البنك الوطني في السعودية ومنها ما يلي: -
1- إتخاذ البنك شكل شركة مساهمة: وشركة المساهمة عرفها نظام الشركات السعودي الجديد في مادته الثامنة والخمسون، بأنها الشركة التي يمكن أن يؤسسها شخص واحد أو أكثر، من ذوي الصفة الطبيعية أو الإعتبارية، ويكون رأس مالها مقسم إلى أسهم قابلة للتداول، وتكون وحدها مسؤولة عن الديون والإلتزامات المترتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها، أما مسؤولية المساهم فيها فتقتصر على أداء قيمة الأسهم التي إكتتب فيها فقط.
ويتم تسمية البنك المتخذ شكل شركة مساهمة في السعودية وفق المادة الخامسة من نظام الشركات السعودي الجديد، بإسم تجاري يكون باللغة العربية أو بلغة أخرى، ويجوز أن يشتق الإسم من الغرض، أو إسم مميز، أو إسم واحد أو أكثر من المساهمين فيها الحاليين أو السابقين، أو منها معاً، كما يجب ضرورة مراعاة عدم كون إسم البنك مخالف لنظام الأسماء التجارية والأنظمة الأخرى واللوائح المعمول بها في المملكة.
كما يؤسس البنك المتخذ شكل شركة مساهمة في السعودية، بموجب نظام أساسي يكون مثل عقد يبين فيه كافة الأمور والشروط المتفق عليها، كما أوجبت المادة الثامنة من نظام الشركات السعودي كتابة النظام الأساسي، وكذلك أوجبت المادة السابعة من ذات النظام أن تكون كتابة النظام الأساسي باللغة العربية مع جواز أن يكون مقرون بترجمة إلى لغة أخرى.
2- رأس مال البنك: يجب ألا يقل رأس المال المدفوع عن مليونين ونصف مليون ريال سعودي، وأن تدفع جميع إكتتابات رأس المال نقداً.
3- تمتع المؤسسين وأعضاء مجلس الإدارة بحسن السمعة.
4- موافقة وزير المالية على عقد تأسيسها ونظامها الأساسي.
أما بالنسبة لترخيص البنوك الأجنبية في المملكة العربية السعودية فيشترط تأسيس فرع أو فروع له في المملكة أن تستوفي الشروط التي يحددها مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزير المالية.
تلتزم البنوك في السعودية وفق المادة السادسة من نظام مراقبة البنوك السعودي، بأن لا تزيد إلتزاماته من الودائع على خمسة عشر مثلاً من مجموع إحتياطاته ورأس ماله المدفوع أو المستثمر، فإذا زادت إلتزامات الودائع على هذا القدر وجب على البنك في خلال شهر من تاريخ تقديم بيان عن مركزه المالي للبنك المركزي السعودي أن يزيد رأس ماله وإحتياطاته إلى الحد المقرر أو أن يودع لدى البنك المركزي السعودي 50% من المبلغ الزائد.
وتلتزم البنوك وفق المادة السابعة من نظام مراقبة البنوك السعودي بأن تحتفظ لدى البنك المركزي السعودي في جميع الأوقات بوديعة نظامية لا تقل عن 15% من إلتزامات ودائعه، ويجوز للبنك المركزي السعودي تعديل هذه النسبة وفقاً لمقتضيات الصالح العام بشرط ألا تقل عن 10% ولا تزيد على 17,5%، ومع ذلك فللبنك المركزي السعودي أن يتجاوز هذين الحدين بعد موافقة وزير المالية، وعلى كل بنك كذلك أن يحتفظ بإحتياطي سيولة لا يقل عن 15% من إلتزامات ودائعه، ويكون هذا الإحتياطي من النقد أو الذهب أو الأصول التي يمكن تحويلها إلى نقود في أجل قصير لا يزيد على ثلاثين يوماً.
والجدير بالذكر أنه وفق المادة الثامنة من نظام مراقبة البنوك السعودي، يحظر على أي بنك أن يعطي قرض أو أن يمنح تسهيلات إئتمانية أو أن يقدم كفالة أو ضمان مالي آخر لصالح أي شخص طبيعي أو إعتباري بمبالغ يتجاوز مجموعها 25% من مجموع إحتياطيات البنك ورأس ماله المدفوع أو المستثمر، ويجوز للبنك المركزي السعودي لمقتضيات المصلحة العامة وبالشروط التي تحددها أن تزيد هذه النسبة إلى 50%.
كما يجب على البنوك وفق المادة الثالثة عشرة من نظام مراقبة البنوك قبل الإعلان عن توزيع أية أرباح أن يرحل إلى الإحتياطي النظامي مبلغاً لا يقل عن 25% من أرباحه السنوية الصافية إلى أن يصبح الإحتياطي المذكور مساوياً على الأقل لرأس مال البنك المدفوع، وكذلك يحظر على أي بنك أن يدفع أرباح، أو أن يحول أي جزء من أرباحه إلى الخارج إلا بعد إستهلاك جميع مصروفات التأسيس وأية خسارة يتكبدها، وبعد إقتطاع ما لا يقل عن 10% من قيمة المصروفات الرأسمالية إلى أن يتم إستهلاك جميع هذه المصروفات.
هذا وبالإضافة لضرورة قيام البنوك بتعين سنوياً مراقبين إثنين للحسابات من القائمة المسجلة بوزارة التجارة والصناعة، وذلك وفق المادة الرابعة عشرة من نظام مراقبة البنوك، ويجب أيضاً على كل بنك وفق المادة الخامسة عشرة من ذات النظام أن يرسل إلى البنك المركزي السعودي بيان موحد شهرياً عن مركزه المالي وذلك في نهاية الشهر التالي ويجب أن يكون هذا البيان حقيقي وصحيح، وأن يرسل إلى البنك المركزي السعودي في خلال ستة أشهر من إنقضاء سنته المالية صورة من ميزانيته السنوية وحساب أرباحه وخسائره، مصدقاً عليها من مراقبي حساباته، وبالشكل الذي يحدده البنك المركزي السعودي.
يحظر على البنوك في المملكة العربية السعودية وفق المادة التاسعة من نظام مراقبة البنوك السعودي مزاولة أس من الأعمال الآتية: -
1- أن يعطي بضمان إسمه قرضاً أو أن يمنح تسهيلات إئتمانية أو أن يقدم كفالة أو ضمان أو أن يتحمل أي إلتزام مالي آخر.
2- أن يعطي بلا ضمان قرض أو أن يمنح تسهيلات إئتمانية أو أن يقدم كفالة أو ضماناً أو أن يتحمل بأي إلتزام مالي آخر لأي من:
3- أن يعطي بلا ضمان قرض أو أن يمنح تسهيلات إئتمانية أو أن يقدم كفالة أو ضماناً أو أن يتحمل بأي إلتزام مالي آخر لصالح أحد موظفيه أو مستخدميه بمبالغ تزيد على رواتبه مدة أربعة أشهر.
وكذلك يحظر على البنوك في المملكة العربية السعودية وفق المادة العاشرة من نظام مراقبة البنوك السعودي مزاولة أي من الأعمال الآتية: -
1- الإشتغال لحسابه أو بالعمولة بتجارة الجملة أو التجزئة بما في ذلك تجارة الإستيراد أو التصدير.
2- أن تكون له مصلحة مباشرة كمساهم أو كشريك أو كمالك أو بأية صفة أخرى في أي مشروع تجاري أو صناعي أو زراعي أو أي مشروع آخر تزيد قيمتها عن 10%، ويستثنى من ذلك ما يؤول للبنك وفاء لدين له قبل الغير، على أن يقوم البنك بتصفية ما آل إليه في خلال سنتين أو في خلال أية مدة أطول تحدد بعد الإتفاق مع البنك المركزي السعودي.
3- شراء أسهم أي بنك يعمل في المملكة بدون موافقة البنك المركزي السعودي.
4- إمتلاك أسهم أية شركة مساهمة أخرى مؤسسة في المملكة تزيد قيمتها على 10% من رأس مالها المدفوع وبشرط ألا تتجاوز القيمة الاسمية لهذه الأسهم 20% من رأس مال البنك المدفوع وإحتياطياته .
5- إمتلاك عقار أو إستئجاره إلا إذا كان ذلك ضرورياً لإدارة أعمال البنك أو لسكنى موظفيه أو للترفيه عنهم أو وفاء لدين للبنك قبل الغير.
أوضحت المادة الحادية عشرة من نظام مراقبة البنوك السعودي، بأنه يحظر على أي بنك أن يقوم بأي عمل من الأعمال الآتية إلا بعد الحصول على ترخيص كتابي سابق من البنك المركزي السعودي وبالشروط التي يحددها:
1- تعديل تكوين رأس ماله المدفوع أو المستثمر.
2- الإتفاق على الإندماج أو المشاركة في نشاط بنك آخر أو أية منشأة أخرى تزاول الأعمال المصرفية.
3- إمتلاك أسهم أية شركة مؤسسة في خارج المملكة.
4- التوقف عن مزاولة الأعمال المصرفية، وفي هذه الحالة يجب على البنك المركزي السعودي قبل الموافقة على هذا التوقف أن تتحقق من قيام البنك بعمل الترتيبات اللازمة للمحافظة على حقوق المودعين.
5- فتح فروع أو مكاتب أخرى في المملكة، وكذلك فتح فروع أو مكاتب أخرى للبنوك الوطنية في خارج المملكة.