- إعداد: شادن فهد السويد، باحثة قانونية
* حازت المدونة على المركز الثاني ضمن مسابقة أفضل بحث قانوني لعام ٢٠٢١م.
مقدمة
تسمى الشركة بالتوصية البسيطة للثقة بين الشركاء؛ حيث أن مفردة توصية تعني "الثقة" وبذلك يثق الشريك المتضامن بالشريك الموصي، والعكس من ذلك صحيح، وتعد شركة التوصية البسيطة من شركات الأشخاص القائمة على الاعتبار الشخصي، وعلى ذلك تخضع لذات أحكام شركة التضامن ما لم يرد به نص خاص .ويلجأ الشركاء إلى شركة التوصية البسيطة كونها النموذج الأمثل لصاحب المشروع الباحث عن رأس المال والراغب بالانفراد بالإدارة دون تدخل من الشريك الموصي مقدم المال، والعكس من ذلك، قد يلجأ مستثمر المال إلى من يشاركه على أن يكون شريكًا موصٍ مسؤولًا مسؤولية محدودة في الشركة، وقد تكون شركة التوصية البسيطة خيارًا إلزاميًا بنص النظام وذلك في حال استمرار شركة التضامن مع ورثة الشريك المتضامن وكان من بينهم قاصر أو ممنوع نظامًا من ممارسة الأعمال التجارية، إلا أن اللجوء إلى مثل هذا النوع من الشركات بدأ بالانحسار مع ظهور الشركة ذات المسؤولية المحدودة والمساهمة.
تعرف شركة التوصية البسيطة بالشركة التي تتكون من فريقين من الشركاء:
أ- فريق يضم على الأقل شريكًا متضامنًا مسؤولًا في جميع أمواله عن ديون الشركة والتزاماتها.
ب- وشريك موصٍ على الأقل تكون مسؤوليته عن ديون الشركة مسؤولية محدودة بمقدار نصيبه في رأس مال الشركة ولا يكتسب صفة التاجر.
تتميز شركة التوصية البسيطة بأربعة خصائص وهي :
أولا/ مسؤولية الشريك الموصي المحدودة وحصته في الشركة لا يُسأل الشريك الموصي عن ديون الشركة والتزاماتها إلا في حدود مساهمته في رأس المال، والتي قد تكون نقدية أو عينية، ولا يجوز أن تكون حصة الشريك الموصي حصة بالعمل؛ حتى لا يُضعف ذلك الضمان العام للدائنين، كونه لا يمكن الرجوع على الشريك الموصي في جميع ماله.
ثانيًا/ عدم دخول اسم الشريك الموصي في اسم وعنوان الشركةيتكون اسم شركة التوصية البسيطة من أسماء الشركاء المتضامنون جميعهم أو واحد منهم أو أكثر، مع إضافة كلمة "وشركاه" أو ما يفيد هذا المعنى، مع ضرورة وجود ما يدل على وجود شركة توصية بسيطة، ولقد حظر النظام وجود اسم الشريك الموصي أو شخص غير شريك في اسم الشركة مع علمه بذلك، وإلا اعتبر شريكًا متضامنًا في مواجهة الغير الذي تعامل مع الشركة بحسن نية على هذا الأساس، والحكمة من ذلك تجنبًا لإيهام الغير بأن الشريك الموصي صاحب الاسم شريكًا متضامنًا وحمله على التعاقد مع الشركة بهذه الصورة، ويترتب على مسؤولية الشريك الموصي المسؤولية الشخصية والتضامنية اكتسابه لصفة التاجر وتعريض كامل ذمته المالية لمخاطر الشركة ، كما أن دخول الشريك الموصي في عنوان الشركة واعتباره شريكًا متضامنًا لا يغيّر من صفته شريكًا موصيًا في مواجهة بقية الشركاء، بل يظل محتفظًا بهذه الصفة تجاههم، الأمر الذي يترتب عليه حق الشريك الموصي في الرجوع على بقية الشركاء بما وفاه للغير فيما يزيد عن مقدار حصته في رأس مال الشركة، ومتى ما ثبت جهل الشريك الموصي أو اعتراضه على دخول اسمه في عنوان الشركة، فلا يعد مسؤولًا بالتضامن في مواجهة الغير، وله حق الرجوع على الشركاء المتضامنين بالتعويض لاستغلال اسمه وعن الضرر الذي لحق به.
ثالثا/ عدم قابلية حصة الشريك للانتقال للغيرشخصية الشريك المتضامن والموصي في شركة التوصية البسيطة محل اعتبار، وبالتالي لا يجوز للشريك الموصي وفقًا لنص المادة (٤١) من النظام "أن يتنازل عن حصته للغير إلا بموافقة جميع الشركاء المتضامنون، وموافقة الشركاء الموصين المالكين لأغلبية رأس المال الخاص بالفريق الموصي ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على غير ذلك".
رابعًا/ عدم اكتساب الشريك الموصي صفة التاجرلا يكتسب الشريك الموصي صفة التاجر، ما لم يكن مكتسبًا لهذه الصفة من قبل، الأمر الذي يترتب عليه عدم خضوعه لأحكام الإفلاس ولا يُشهر إفلاسه عند شهر إفلاس الشركة، وذلك على خلاف الشريك المتضامن. ويترتب على عدم اكتساب الشريك الموصي صفة التاجر جواز دخول ناقص الأهلية والممنوع من ممارسة التجارة كالموظف العام كشريك موصي في شركة التوصية البسيطة.
تأسيس شركة التوصية البسيطة
لابد لتأسيس شركة التوصية البسيطة من توافر الأركان الموضوعية العامة والخاصة والشكلية في عقد شركة التوصية البسيطة.
والأركان الموضوعية العامة هي ركن الرضا ويخضع للقواعد العامة في العقود، وعلى ذلك يجب أن يتوافر الرضا بين الشركاء في إنشاء الشركة والاتفاق على جميع بنود العقد، وعلى وجه الخصوص الاتفاق على رأس مال الشركة وحصص الشركاء فيها وكذلك غرض الشركة وإلا اعتبر الرضا منعدمًا، مما يرتب بطلان عقد الشركة بطلانًا مطلقًا.
ويجب أن يكون الرضا سليمًا خاليًا من عيوب الإرادة، بالتالي لمن كانت إرادته معيبة حق التمسك ببطلان العقد "بطلان نسبي"، إلا أن الغلط الموجب للبطلان النسبي يجب أن يكون جسيمًا دافعًا للتعاقد، بحيث يمتنع الشريك عن إبرام العقد لو لم يقع في الغلط كالغلط بشخص الشريك في شركة الأشخاص، أما إذا كان الغلط بسيطًا غير دافع للتعاقد فلا أثر له.
وكذلك يجب أن يكون الرضا سليمًا خاليًا من التدليس، وإلا جاز التمسك ببطلان العقد متى ما وقع التدليس في حق الشريك من جميع الشركاء، أما إن وقع التدليس من الغير أو من أحد الشركاء فيقتصر حق الشريك المُدَلس عليه بالرجوع على المدلس بالتعويض.
ركن الأهلية يجب أن يكون الرضا صادرًا ممن يتمتع بالأهلية اللازمة للتعاقد، وإلا كان عقد الشركة باطلًا بطلانًا مطلقًا في حالة انعدام الأهلية وذلك في الصغير غير المميز والمجنون والمعتوه، أو أن يكون قابل للإبطال "بطلان نسبي" عند وجود الأهلية الناقصة كما في القاصر المميز (من لم يبلغ الثامنة عشرة سنة) ومن في حكمه بسبب عارض من عوارض الأهلية من سفه أو غفلة، فلوليه أو الوصي أو القيم أو القاضي بحسب الأحوال حق إجازة التصرف الدائر بين النفع والضرر وكذلك للقاصر بعد اكتسابه الأهلية اللازمة للتعاقد.
والشريك المتضامن في شركة التوصية البسيطة يجب أن تتوافر لديه الأهلية اللازمة لممارسة التجارة (١٨) سنة وأن يكون غير مصاب بعارض من عوارض الأهلية؛ حيث أنه يكتسب صفة التاجر ويُسأل مسؤولية تضامنية عن ديون الشركة، وعلى ذلك لا يجوز لمن لم يكتسب أهلية التجارة (١٨) سنة أو من به عارض من عوارض الأهلية أن يكون شريكًا متضامنًا ولو أذن له وليه أو الوصي أو القيم؛ وذلك للمسؤولية المطلقة والتضامنية في جميع ماله الخاص.
أما بالنسبة للشريك الموصي، فمسؤوليته محدودة برأس المال الذي ساهم فيه، ولا يكتسب صفة التاجر، وعلى ذلك يجوز للولي أو الوصي أو القيم أو بإذن المحكمة أن تُستثمر أموال القاصر في شكل حصة توصية في شركة التوصية البسيطة.
ركن المحل يجب أن يكون محل الشركة (نشاطها) والعمل الذي تقوم بممارسته محددًا، مشروعًا، موجودًا، وأن يكون محل ونشاط الشركة جائز لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وأنظمة الدولة.ويجب أن يكون نشاط الشركة ممكنًا، وذلك بأن يسمح النظام بأن يكون محلًا لمثل هذا النوع من الشركات؛ فلأسباب تنظيمية وحماية للغير قد يحظر النظام بعض الأنشطة على بعض أشكال الشركات.
ركن السبب السبب في عقد الشركة هو الباعث الدافع إلى التعاقد، وهو رغبة الشركاء في استثمار رأس المال وتحقيق الأرباح واقتسامها بين الشركاء، ويختلف السبب عن محل الشركة، حيث أن محل الشركة هو أمر مادي يتمثل في نشاط الشركة من بيع أو تصنيع، بينما السبب في عقد الشركة أمر غير محسوس وهو نية الشركاء من وراء التعاقد.
أما عن الأركان الموضوعية الخاصة لعقد الشركة: نص النظام على الأركان الخاصة عند تعريفه لعقد الشركة بأنه: "عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معًا لاقتسام ما ينشأ من هذا المشروع من ربح أو خسارة".
وتتمثل الأركان الموضوعية الخاصة بالآتي:
أولا/ تعدد الشركاء كقاعدة عامة ووفقًا لنص المادة (٢) فإن عقد الشركة يستلزم اتفاق شخصين أو أكثر، ولس هناك حد أقصى لعدد الشركاء.
ثانيا/ تقديم الحصص يشترط لصحة عقد الشركة أن يقوم كل شريك بتقديم حصة في رأس مال الشركة، ولا يشترط أن تكون حصص الشركاء متساوية وإنما أن تكون مقدرة ليتسنى تحديد الأرباح والخسائر ونصيب كل شريك في فائض التصفية وذلك بمقدار المساهمة برأس المال.
أشكال الحصص:
١- الحصص النقدية وهي الشكل الغالب في المساهمة في رأس المال، وقد يتفق الشركاء على تقديمها عند توقيع العقد أو بأقساط بمواعيد محددة بعد تأسيس الشركة.
٢.الحصص العينية يجوز أن تكون حصة الشريك عينية، وتقدم الحصص العينية عند تأسيس الشركة أو بمواعيد محددة، على أنه لا تبرأ ذمة الشريك قبل الشركة إلا بعد وضعها تحت تصرف الشركة خلال المدة المتفق عليها وإلا كان مسؤولًا عن الضرر الناتج عن تأخير تقديم حصته ، وتقديم الحصة العينية إما أن يكون عن طريق التمليك أو الانتفاع.
عند تقديم الحصة العينية عن طريق التمليك، فإن ملكية الحصة العينية تنتقل إلى الشركة، ويحكم العلاقة بين الشريك والشركة أحكام عقد البيع ، فلا تبرأ ذمة الشريك حتى يستوفي إجراءات نقل الملكية، ومتى ما هلكت العين قبل التسليم فإنها تهلك على الشريك ويلزم بتقديم حصة أخرى، وإلا بالتعويض عن الضرر الناتج عن التأخير في تقديم الحصة البديلة مع حق الشركاء بإقصائه من الشركة، أما إذا هلكت الحصة العينية بعد التسليم فإن الشركة تتحمل تبعة الهلاك دون المساس بحق الشريك في الأرباح.
وقد يتم تقديم الحصة العينية على سبيل الانتفاع، وبالتالي يظل الشريك مالكًا لها ويقتصر حق الشركة بالانتفاع بها وفقًا لأحكام عقد الإيجار ، وتعود الحصة العينية لمالكها عند انقضاء الشركة وتصفيتها أو في حالة التنفيذ على الشركة، الأمر الذي يجعل الشريك ضامنًا للعين طيلة وقت الانتفاع، وفي حالة هلاك العين أو وجد عيب يحول دون الانتفاع لسبب لا دخل للشركة به، فيلتزم الشريك بتقديم حصة أخرى أو أقصي من الشركة.
٣.حصة بالعمل أجازت المادة (٥) من النظام أن تكون حصة الشريك القيام بعمل بشرطين:
أ. أن يكون فني غير تافه، ذو أهمية وجدية في تحقيق غرض الشركة.
ب. ألا يكون ما له من سمعة ونفوذ.
ولا تدخل الحصة بالعمل في رأس مال الشركة الذي يشكل ضمانًا للدائنين عند التنفيذ على الشركة؛ لاستحالة التنفيذ على حصة الشريك المقدم للعمل، بالتالي لا يجوز أن تكون حصص جميع الشركاء تقديم عمل، وإلا انعدم رأس المال الضامن لديون الشركة ، وكذلك لا يجوز أن تكون حصة الشريك الموصي في شركة التوصية البسيطة القيام بعمل؛ كون مسؤوليته محدودة بمساهمته في رأس المال.
وفي حالة عجز الشريك عن العمل فإن ذلك يعد في حكم هلاك حصته، فلا يعتبر شريكًا ولا حق له في أرباح الشركة منذ عجزه وتوقفه عن العمل.
وللعدالة بين الشركاء والمساواة فيما بينهم، نص النظام صراحة على إعفاء الشريك بالعمل من تحمل الخسارة، وتقتصر خسارة الشريك في عدم حصوله على نصيب مادي من الربح، إلا أن الشريك المقدم للعمل في نهاية الأمر يتحمل خسارة الشركة، وذلك بخسارته المادية للأرباح المتوقعة من عمله وضياع جهده دون مقابل.
وتتحدد نسبة الشريك بالعمل في الأرباح والخسائر حسب اتفاق الشركاء، وإذا أغفل الشركاء تحديد نسبة الشريك الملتزم بتقديم العمل، فتكون بنسبة حصته حسب تقويمها عند تأسيس الشركة، وذلك حسب أهمية العمل ومساهمته في نشاط الشركة، وفي حال تعدد الشركاء مقدمي الحصة بالعمل وعدم تقييمها، فقد افترض النظام تساوي حصص الشركاء بالعمل ما لم يثبت عكس ذلك من إثبات أهمية عمل البعض دون البعض.
وإذا قدم الشريك حصة عينية أو نقدية إضافة إلى الحصة بالعمل، كان للشريك نصيب في الربح عن حصته بالعمل ونصيب آخر عن حصته النقدية أو العينية.
ويجب على الشريك مقدم الحصة بالعمل أن يقوم بالأعمال التي تعهد بها، وكل كسب ينتج عن عمل الشريك يكون من حق الشركة، ولا يجوز له أن يمارس مثل هذا العمل لحسابه الخاص أو للغير ومنافسة الشركة، وإلا كان للشركة حق الرجوع عليه بما حققه من كسب.
أما فيما يتعلق برأس مال الشركة وموجوداتها فقد نصت المادة (٥/٢) من نظام الشركات على أن رأس مال الشركة يتكون من الحصص النقدية والعينية، دون الحصة بالعمل؛ حيث لا يمكن تقويمها بالمال ولا تصلح للتنفيذ الجبري عليها، الأمر الذي يقتصر ضمان دائني الشركة على رأس المال المكون من الحصة النقدية والعينية.
ويختلف رأس مال الشركة عن موجودات الشركة والتي تمثل مجموع الأموال التي تتكون منها ذمة الشركة بعد مزاولة نشاطها، وعلى ذلك فإن رأس مال الشركة وموجوداتها معًا الضمان الحقيقي لدائني الشركة .
ووفقًا لـ "مبدأ ثبات رأس المال" لا يجوز للشركة توزيع الأرباح على الشركاء بمبالغ اقتطعت من رأس المال، وهذا ما يسمى بالأرباح الصورية، وإلا جاز لدائني الشركة مطالبة كل شريك ولو كان حسن النية برد ما قبضه منها، ووفقًا لذات المبدأ فإنه لا يجوز تعديل رأس المال إلا وفقًا لأحكام النظام وما لا يتعارض مع الشروط الواردة في عقد تأسيس الشركة أو في نظامها الأساس، على ألا يحتج بتخفيض رأس المال على الدائنين الذين نشأت حقوقهم قبل التعديل.
رابعًا/ نية المشاركة
لابد من توافر نية المشاركة في عقد الشركة، وإن لم يذكر المنظم هذا الركن صراحةً؛ حيث أن التعاون والمشاركة بين الشركاء ركن يميز عقد الشركة عن غيره من العقود المشابهة، ويقصد بنية المشاركة رغبة الشركاء في المشاركة والتعاون بالقدر المتساوي في سبيل تحقيق غرض الشركة وتحقيق الأرباح.
خامسًا/ اقتسام الأرباح والخسائر.
القاعدة العامة بشأن الأرباح والخسائر هي أن يكون نصيب الشريك في الأرباح والخسائر بمقدار حصته في رأس المال، ولكن يجوز الاتفاق في عقد تأسيس الشركة على تفاوت نسب الشركاء في الأرباح والخسائر وفق ما تقضي به الضوابط الشرعية، وينبغي ألا يؤدي هذا الاتفاق إلى حرمان أحد الشركاء من الربح أو اعفائه من الخسارة وهو ما يُعرف بـ "شرط الأسد"، وفيما يتعلق بحكمه فقد نصت المادة (٩/١) على بطلان شرط الأسد مع صحة عقد الشركة، وفي هذه الحالة فإن نصيب الشريك في الأرباح والخسائر يتحدد بمقدار حصته في رأس المال، ويستثنى من ذلك إعفاء الشريك مقدم الحصة بالعمل من تحمل الخسارة بنص النظام؛ إذ تقتصر خسارته على عدم حصوله على نصيب مادي من الربح المتوقع من عمله وضياع جهده دون مقابل.
الأركان الشكلية:
كتابة العقد يجب أن يكون عقد تأسيس الشركة وكل تعديل يطرأ عليه مكتوبًا وموثقًا من الجهة المختصة وإلا كان العقد أو التعديل باطلًا؛ إذ يعتبر كتابة عقد الشركة وتوثيقه ركنًا من أركان تأسيس الشركة ويترتب على تخلفه بطلان عقد الشركة.
شهر العقد وهي عملية شهر عقد الشركة بالإجراء القانوني الذي يهدف من خلاله إعلام الغير بتأسيس الشركة وبعقد تأسيسها ونظامها الأساس وما يطرأ عليهما من تعديل بالطرق المحددة نظامًا.
فيعتبر النظام شهر عقد الشركة وسيلة إثبات وحجة في مواجهة الغير، حيث لا يجوز للشركاء الاحتجاج أمام الغير بعقد الشركة ونظام الشركة الأساس إلا بعد استيفاء إجراءات الشهر، ومتى اقتصر عدم الشهر على بيان أو أكثر كانت هذه البيانات وحدها غير نافذة في مواجهة الغير، وللغير متى كان له مصلحة التمسك بوجود عقد الشركة أو التعديل غير المشهر وله إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات.وللطبيعة الخاصة لشركة التوصية البسيطة واشتمالها على نوعين من الشركاء.
يرى بعض فقهاء القانون الاكتفاء في ملخص عقد الشركة المشهر على أسماء الشركاء المتضامنون دون الموصون، ولكن يجب ذكر نصيب كل شريك موصي في رأس مال الشركة، والحكمة من ذلك هو الخشية من إيهام الغير بأن الشركاء المذكورة أسماؤهم شركاء متضامنون ومسؤولون مسؤولية شخصية وتضامنية.
إدارة شركة التوصية البسيطة
يدير الشركة مديرًا أو أكثر من الشركاء المتضامنين أو من غير الشركاء، معينين في عقد التأسيس أو في عقد مستقل، مع اقتصار الإدارة على الشريك المتضامن دون الشريك الموصي، وللشركاء الآخرين الرقابة على أعمال المدير، وفي حالة عدم تحديد طريقة إدارة الشركة، كان لكل شريك متضامن إدارة الشركة منفردًا، وللشركاء المتضامنين الآخرين الاعتراض على العمل قبل تمامه على أن يكون لأغلبية الشركاء الحق في رفض الاعتراض.
ونصت المادة (٤٠) على عدم جواز تدخل الشريك الموصي في أعمال الإدارة الخارجية للشركة وإلا اعتبر شريكًا متضامنًا يُسأل مسؤولية شخصية تضامنية في جميع أمواله الخاصة في ذلك العمل، والحكمة من منع الشريك الموصي من تولي أعمال الإدارة الخارجية هو حماية للغير الذي يتعامل معه معتقدًا أنه شريك متضامن، فيأمن جانب التعامل معه؛ لإمكانية التنفيذ على أمواله الشخصية، وبالمقابل أجاز له النظام القيام بأعمال الإدارة الداخلية كالعمل بأحد الإدارات الداخلية للشركة، وكذلك له التصويت على قرارات الشركة، وله القيام بجميع أعمال الإدارة الداخلية شريطة ألا تؤدي إلى التعامل مع الغير، ولكن متى ما تدخل الشريك الموصي في أعمال الإدارة الخارجية ولو بناء على توكيل من الشركاء جميعهم، فإن النظام اعتبره شريك متضامن ذو مسؤولية شخصية وتضامنية عن الديون والالتزامات المترتبة على الأعمال التي قام بها، وأجاز النظام للغير المطالبة القضائية باعتبار الشريك الموصي المتدخل بأعمال الإدارة الخارجية شريك متضامن عن جميع ديون الشركة متى ما كان من شأن هذه التعاملات التي قام بها أن توحي للغير بأنه شريك متضامن.
ومتى ما قام الشريك الموصي بالوفاء عن ديون الشركة المترتبة على الأعمال التي قام بها أو عن ديون الشركة جميعها بناء على توكيل، فله حق الرجوع على الشركاء الآخرين بمقدار ما دفعه بما يزيد عن حصته في الشركة كل ومقدار نصيبه في رأس المال، حيث يظل شريكًا موصيًا في مواجهة الشركاء الآخرين، وفي حالة انتفاء التوكيل أو الإجازة اللاحقة لتلك التصرفات، يكون للشريك الموصي الرجوع على بقية الشركاء وفقًا للقواعد العامة في الإثراء بلا سبب أو أحكام الفضالة، وهنا يشترط أن تعود هذه الأعمال بفائدة على الشركة والتعويض يكون بحدود الفائدة التي عادت على الشركة من هذه الأعمال وما زاد عن قيمة حصته.
انقضاء شركة التوصية البسيطة
تنقضي شركة التوصية البسيطة بانقضاء المدة المحددة للشركة ما لم يتفق على تمديدها ولكون ذلك يعتبر تعديلًا على عقد التأسيس فإنه يتطلب إجماع الشركاء ما لم ينص عقد التأسيس على خلاف ذلك، أو بتحقيق الغرض الذي تأسست الشركة من أجله أو استحالة تحققه، وكذلك بانتقال جميع الحصص إلى شريك واحد، أو باتفاق الشركاء على حل الشركة قبل انقضاء مدتها ولذلك يجب اجماع الشركاء على حلها ما لم ينص عقد التأسيس على خلاف ذلك، أو باندماج الشركة بأخرى، أو لصدور حكم قضائي بحل الشركة بناء على طلب من أحد الشركاء أو كل من له مصلحة وكل شرط يقضي بالحرمان من استعمال هذا الحق يعد باطلًا.
وكذلك تنقضي شركة التوصية البسيطة بوفاة أحد الشركاء ما لم يتفق على الاستمرار في الشركة بين باقي الشركاء أو مع ورثة الشريك المتوفي، كما وتنقضي بانسحاب أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه وهذا في حق الشريك المتضامن ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك، أما بالنسبة للشريك الموصي فلا يترتب على وفاته أو الحجر عليه أو شهر إفلاسه أو إعلان إعساره أو انسحابه انقضاء الشركة، ما لم يتفق الشركاء في عقد التأسيس على خلاف ذلك .
قائمة المراجع:
• نظام الشركات السعودي، صادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٣) بتاريخ ٢٨/١/١٤٣٧هـ.
• الجبر، محمد، (١٤١٧)، القانون التجاري السعودي، الطبعة الرابعة، الرياض: جامعة الملك سعود للنشر.
• الخبتي، سعد، السبت، هشام، (١٤٤١هـ)، الوجيز في أحكام الشركات في النظام السعودي، الطبعة الرابعة، الرياض: دار الإجادة.
• طه، مصطفى، (٢٠٠٨)، الشركات التجارية، الإسكندرية: دار الفكر الجامعي.
• الشريف، نايف، القرشي، زياد، (١٤٣٤هـ)، القانون التجاري، الطبعة الخامسة، جدة: دار حافظ للنشر والتوزيع.
• الفوزان، محمد، (١٤٣٥هـ)، الأحكام العامة للشركات دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، الرياض: مكتبة القانون والاقتصاد.