يقف الإثبات كعنصر أساسي وحجر الزاوية الذي يحدد مصير الدعاوى القضائية، ويعد أمراً حيوياً في عملية تحقيق العدالة وتطبيق القانون بمنتهى الدقة والشمولية، وفي المملكة العربية السعودية تتجلى أهمية نظام الإثبات من خلال توضيح طرق الإثبات المستخدمة في الدعاوى القضائية، وتعكس طرق الإثبات حرص المشرع السعودي على تأمين حقوق الأفراد والشركات بشكل عادل، مما يسهم في تعزيز الثقة في نظام العدالة وضمان تطبيق القانون بكل شفافية، هذا ومن خلال بيان طرق الإثبات في الدعاوى القضائية يعكس المشرع السعودي روح التطور والتحديث المستمر في نظام القضاء، ومن هذا المنطلق سوف نسلط الضوء في هذا المقال على وسائل الإثبات التي تساهم بشكل كبير في حل وإنهاء الدعاوى القضائية في المملكة العربية السعودية وفقاً لما جاء في نظام الاثبات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) وتاريخ 26/5/1443هـ.
يعد الإثبات أهم وسيلة قانونية أقرها المشرع لكل من المدعي والمدعى عليه أو الغير الذي يلجأ إلى الخصومة القضائية، فإثبات الحق في الدعاوى القضائية إجراء يعتمد في الأساس على تقديم الأدلة والشهادات لتأكيد حق أو مطالبة في السياق القانوني، وبصورة أخرى يمثل الإثبات عملية حاسمة تشكل الجزء الأساسي من نظام العدالة، والجدير بالذكر أن نظام الاثبات أقر العديد من طرق الإثبات في الدعاوى القضائية والتي سوف تنطرق إليها في هذا المقال.
حصر نظام الإثبات أهم الضوابط الواجب مراعاتها لإقامة الدلائل في المعاملات المدنية والتجارية في المملكة العربية السعودية، ومنها التالي:
وإذا تعارضت أدلة الإثبات ولم يمكن الجمع بينها فتأخذ المحكمة منها بحسب ما يترجح لها من ظروف الدعوى، فإن تعذر ذلك فلا تأخذ المحكمة بأي منها، وفي جميع الأحوال يجب عليها أن تبين أسباب ذلك في حكمها.
كما إنه إذا قررت المحكمة مباشرة إجراء من إجراءات الإثبات، أو كلفت بذلك أحد قضاتها، تعين عليها أن تحدد موعداً لذلك، وللمحكمة مباشرة إجراءات الإثبات ولو لم يحضر الخصوم أو أحدهم؛ متى بلغوا بالموعد المحدد، كما للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات، بشرط أن تبين أسباب العدول في محضر الجلسة، وأيضاً للمحكمة ألا تأخذ بنتيجة إجراء الإثبات، بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها.
وهنا يجدر الحديث تفصيلاً عن وسائل الإثبات في الدعاوى القضائية، والتي تضمنها نظام الإثبات، وذلك لإقامة الدليل أمام المحكمة، هذا ويعد من تلك الوسائل ما يأتي:
والإقرار يكون نوعان، إما إقرار قضائي إذا اعترف الخصم أمام المحكمة بواقعة مدعى بها عليه، وذلك أثناء السير في دعوى متعلقة بهذه الواقعة، أو إقرار غير قضائي إذا لم يقع أمام المحكمة، أو كان أثناء السير في دعوى أخرى.
وينوه أنه يشترط في المقر بان يكون أهلاً للتصرف فيما أقر به، كما أنه يصح إقرار الصغير المميز المأذون له في البيع والشراء بقدر ما أذن له فيه، وكذلك يصح الإقرار من الوصي أو الولي أو ناظر الوقف أو من في حكمهم فيما باشروه في حدود ولايتهم.
هذا ويكون الإقرار صراحة أو دلالة، باللفظ أو بالكتابة، ومن ناحية أخرى لا يقبل الإقرار إذا كذبه ظاهر الحال.
استجواب الخصوم تقوم به المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، بحيث يتم استجوب من يكون حاضر من الخصوم، ويكون لأي من الخصوم استجواب خصمه مباشرة، وللمحكمة أيضاً من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، أن تأمر بحضور الخصم لاستجوابه، ويجب على من تقرر استجوابه أن يحضر الجلسة المحددة لذلك، وإذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول، أو امتنع عن الإجابة بغير مسوغ معتبر، استخلصت المحكمة ما تراه من ذلك، وجاز لها أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي لا يجوز فيها ذلك.
والجدير بالإشارة، أنه إذا كان الخصم عديم الأهلية أو ناقصها فيستجوب من ينوب عنه، ويجوز للمحكمة مناقشته هو إن كان مميزاً في الأمور المأذون له فيها، ويكون استجواب الشخص ذي الصفة الاعتبارية عن طريق من يمثله نظاماً، وفي جميع الأحوال يشترط أن يكون المراد استجوابه أهلاً للتصرف في الحق المتنازع فيه.
هذا وتكون الإجابة في الجلسة نفسها إلا إذا رأت المحكمة إعطاء موعد للإجابة، كما تكون الإجابة في مواجهة من طلب الاستجواب، ولا يتوقف الاستجواب على حضوره، وأيضاً ينوه بأن للخصم الاعتراض على سؤال وجه إليه، وعليه أن يبين وجه اعتراضه، وعلى المحكمة منع كل سؤال غير متعلق بالدعوى أو غير منتج فيها أو غير جائز قبوله.
الإثبات بالكتابة يتم من خلال تقديم نوعان من المحررات، أما المحرر الرسمي هو الذي يثبت فيه موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة، ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، طبقاً للأوضاع النظامية، وفي حدود سلطته واختصاصه، أو المحرر العادي الصادر ممن وقعه وحجة عليه؛ ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، أو ينكر ذلك خلفه أو ينفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق، ومن احتج عليه بمحرر عادي وناقش موضوعه أمام المحكمة فلا يقبل منه أن ينكر بعد ذلك صحته، أو أن يتمسك بعدم علمه بأنه صدر ممن تلقى عنه الحق.
والجدير بالذكر أن المحرر الرسمي حجة على الكافة بما دون فيه من أمور قام بها محرره في حدود مهمته، أو حدثت من ذوي الشأن في حضوره، ما لم يثبت تزويره بالطرق المقررة نظاماً، ويكون مضمون ما ذكره أي من ذوي الشأن في المحرر الرسمي حجة عليه ما لم يثبت غير ذلك، أما بالنسبة للمحررات العادية فلا تكون دفاتر التجار حجة على غير التجار، ومع ذلك فإن البيانات المثبتة فيها تصلح أساساً يجيز للمحكمة أن توجه اليمين المتممة لمن قوي جانبه من الطرفين، وذلك فيما يجوز إثباته بشهادة الشهود.
هذا وينوه بأنه يجوز للخصم أن يطلب من المحكمة إلزام خصمه بتقديم أي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده في الحالات الآتية:
كما إنه لا يقبل طلب إلزام الخصم بتقديم المحررات الموجودة تحت يده؛ ما لم يستوفي العناصر الآتية:
يعد دليلاً رقمياً كل دليل مستمد من أي بيانات تنشأ أو تصدر أو تسلم أو تحفظ أو تبلغ بوسيلة رقمية، وتكون قابلة للاسترجاع أو الحصول عليها بصورة يمكن فهمها، حيث يشمل الدليل الرقمي الآتي:
والجدير بالذكر، أن يكون للدليل الرقمي الرسمي الحجية المقررة للمحرر الرسمي، إذا صدر من تحت يد موظف عام أو مكلف بخدمة عامة، ويكون هذا الدليل الرقمي الرسمي حجة على الكافة بما دون فيه، ومن جانب أخر، فإن للدليل الرقمي غير الرسمي حجة على أطراف التعامل في الحالات الأتية:
وفيما عدا ذلك يكون للدليل الرقمي الحجية المقررة للمحرر العادي، هذا وينوه، بأنه إذا امتنع أي من الخصوم عن تقديم ما طلبته المحكمة للتحقق من صحة الدليل الرقمي بغير عذر مقبول، سقط حقه في التمسك به أو عد حجة عليه.
حيث يجوز الإثبات بشهادة الشهود، ما لم يرد نص يقضي بغير ذلك، ويجب أن يثبت بالكتابة كل تصرف تزيد قيمته على (مائة ألف ريال أو ما يعادلها) أو كان غير محدد القيمة، كما إنه لا تقبل شهادة الشهود في إثبات وجود أو انقضاء تصرفات تزيد قيمته على (مائة ألف ريال أو ما يعادلها) أو كان غير محدد القيمة، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك.
وإذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز الإثبات بشهادة الشهود في كل طلب لا تزيد قيمته على (مائة ألف ريال أو ما يعادلها)، ولو كانت هذه الطلبات في مجموعها تزيد على تلك القيمة، أو كان منشؤها علاقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات ذات طبيعة واحدة.
وأيضاً لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود ولو لم تزد قيمة التصرف على (مائة ألف ريال أو ما يعادلها) في الحالات الآتية:
كذلك يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة في الأحوال الآتية:
وينوه بأنه لا يكون أهلاً للشهادة من لم يبلغ سن (الخامسة عشرة)، ومن لم يكن سليم الإدراك، بل يجوز أن تسمع أقوال من لم يبلغ سن (الخامسة عشرة) على سبيل الاستئناس، كما يجب على الشاهد ابتداءً قبل أداء الشهادة الإفصاح عن أي علاقة له بأطراف الدعوى، أو أي مصلحة له فيها، و لا تقبل شهادة من يدفع بالشهادة عن نفسه ضرراً أو يجلب لها نفعاً، ولا تقبل شهادة الأصل للفرع، وشهادة الفرع للأصل، وشهادة أحد الزوجين للآخر ولو بعد افتراقهما، وشهادة الولي أو الوصي للمشمول بالولاية أو الوصاية، وأيضاً لا يجوز للموظفين والمكلفين بخدمة عامة ولو بعد تركهم العمل أن يشهدوا بما يكون قد وصل إلى علمهم بحكم قيامهم بعملهم من معلومات سرية، ما لم ترتفع عنها صفة السرية، أو تأذن الجهة المختصة في الشهادة بها، بناءً على طلب المحكمة، أو أحد الخصوم.
القرائن المنصوص عليها شرعاً أو نظاماً تغني من قررت لمصلحته عن أي طريق آخر من طرق الإثبات، على أنه يجوز نقض دلالتها بأي طريق آخر، ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك، وللمحكمة أن تستنبط قرائن أخرى للإثبات، وذلك في الأحوال التي يجوز فيها الإثبات بالشهادة، على أن تبين وجه دلالتها، كما أن للمحكمة الاستعانة بالوسائل العلمية في استنباط القرائن.
يجوز الإثبات بالعرف أو العادة بين الخصوم، وذلك فيما لم يرد فيه نص خاص أو اتفاق بين الأطراف أو فيما لا يخالف النظام العام، وعلى من يتمسك بالعرف أو العادة بين الخصوم أن يثبت وجودهما وقت الواقعة، ولأي من الخصوم الطعن في ثبوت العرف أو العادة بين الخصوم، كما أن لهم معارضتهما بما هو أقوى منهما، وللمحكمة عند الاقتضاء ندب خبير للتحقق من ثبوت العرف أو العادة بين الخصوم.
اليمين في الإثبات نوعان أما اليمين الحاسمة وهي التي يؤديها المدعى عليه لدفع الدعوى، ويجوز ردها على المدعي، أو اليمين المتممة وهي التي يؤديها المدعي لإتمام البينة، ولا يجوز ردها على المدعى عليه.
والجدير بالذكر، أنه يجوز أن توجه اليمين في الحقوق المالية، وفي أي حالة تكون عليها الدعوى، ولا يجوز توجيه اليمين في واقعة مخالفة للنظام العام، كما إنه كل مـن وجهت إليه اليمين فحلفها حُكم لصالحه، أما إذا نكل عنها دون أن يردها على خصمه حكم عليه بعد إنذاره، وكذلك من ردت عليه اليمين فنكل عنها.
وبالنسبة لليمين المتممة في السعودية توجه المحكمة اليمين المتممة للمدعي إذا قدم دليلاً ناقصاً في الحقوق المالية، فإن حلف حُكم له، وإن نكل لم يعتد بدليله، وتكون اليمين المتممة على البت، ولا يجوز رد اليمين المتممة على الخصم الآخر.
للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم أن تقرر معاينة المتنازع فيه، وتحدد في قرار المعاينة تاريخها ومكانها، ويبلغ به من كان غائباً من الخصوم قبل الموعد المقرر بأربع وعشرين ساعة على الأقل، وللمحكمة ندب خبير للاستعانة به في المعاينة، ولها سماع من ترى سماعه من الشهود.
10- الخبرة
للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم أن تقرر ندب خبير أو أكثر، لإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يستلزمها الفصل في الدعوى، ويراعى في اختيار الخبير تناسب معارفه الفنية وخبراته مع موضوع النزاع، كما إنه إذا اتفق الخصوم على اختيار خبير أو أكثر أقرت المحكمة اتفاقهم.
هذا ويعد الخبير تقريراً عن أعماله، ويجب أن يشمل ما يأتي:
لأننا في مكتب محمد بن عفيف للمحاماة نقدم خدمات التمثيل القانوني بالنيابة عن الأفراد والشركات والمؤسسات، ونضع بين يديك خبراتنا الواسعة المعرفية والمهنية مع اهتمامنا البالغ بأدق التفاصيل في التمثيل القانوني أمام المحاكم التجارية والإدارية والعامة والتقاضي والتحكيم واللجان القضائية، بما يفي متطلباتك ويحقق لك تطلعاتك وأهدافك على أفضل وجه ممكن.