نظام المحاكم التجارية السعودي يمثل السبيل الأمثل لتنظيم طريقة عمل المحاكم التجارية في المملكة، حيث يعمل على تحقيق التوازن بين الفاعلية وكفاءة الأداء في مواجهة الكثير من القضايا التي تستقبلها المحاكم سواء من حيث النوع أو الكم، وتعد أهم مزايا نظام المحاكم التجارية ولائحته التنفيذية هو حسم الإختصاص النوعي والمكاني للمنازعات التي تنشأ عن المسائل التجارية، وتقدير خصوصية التجار وإعتماد عاداتهم وأعرافهم كمصدر للفصل في الأحكام، كما أن النظام جعل الأصل في نظر الدعاوى والمرافعات أمام المحاكم التجارية كتابة، مع جواز أن تسمع الدعوى بطريقة شفوية لتسهيل الأمر على أطراف الدعوى، أيضاً حرص النظام على تيسير وسائل إخطار الخصوم كالتبليغ عن طريق العنوان الإلكتروني الموثق أو المختار وغيرها، وكذلك والجزء الأهم أن النظام مقسم إلى عدد من الفصول، بحيث تحتوى على إجراءات رفع الدعاوى، وتحديد مسارات الدعاوى الجماعية والبسيطة في المحاكم التجارية، وضع وسائل بديلة لحل المنازعات والتشجيع على اللجوء لها، وإستحداث أحكام نظامية جديدة كأوامر الأداء والإعذار والتقادم وكذلك في بعض الحالات الحكم فيها بالنفاذ المعجل، ووضع آليات الإعتراض على الأحكام الصادرة من المحاكم التجارية في المملكة، وإنطلاقاً من هذا الأخير سنقوم في هذا المقال بتسليط الأضواء على طرق الإعتراض على الأحكام الصادرة من المحاكم التجارية في السعودية بحيث يتم توضيحها بصورة منجزة وبطريقة مبسطة.
فأنه وفق البند الأول من المادة الرابعة والسبعون من نظام المحاكم التجارية لا يجوز أن يعترض على الحكم إلا المحكوم عليه، أو من لم يقض له بكل طلباته.
كما يجوز بموجب البند الثاني من ذات المادة الإتفاق ولو قبل رفع الدعوى على أن يكون حكم الدائرة الإبتدائية نهائياً، شريطة ألا يكون نهائي في حق أحد الأطراف دون الأخر، وذلك وفق المادة الأولى بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية.
والإعتراض يكون على الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها مع الإعتراض على الحكم الصادر في الموضوع، كما يجوز الإعتراض على الحكم الصادر في وقف الدعوى، أو الإختصاص، أو سماع الدعوى، أو الدفع بشرط التحكيم، وعلى الأحكام الوقتية والمستعجلة، قبل الحكم في الموضوع.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يترتب على الإعتراض على الأحكام المشمولة بالتنفيذ المعجل؛ وقف تنفيذها، كما أنه أيضاً لا يضار المعترِض بإعتراضه، وذلك وفق ما نصت عليه البنود 3 و4 و5 من المادة الرابعة والسبعون من نظام المحاكم التجارية.
وكذلك يكون لمن له حق الإعتراض بموجب المادة الثالثة بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية، أن يتنازل عن حقه في الإعتراض أثناء مدة الإعتراض، بمذكرة يقدمها للمحكمة.
تعد جميع الأحكام والقرارات الصادرة من الدوائر الإبتدائية في المحكمة وفق المادة الثامنة والسبعون من نظام المحاكم التجارية، فيما لم يرد فيه نص خاص قابلة للإستئناف فيما عدا الدعاوى اليسيرة التي لا تزيد على خمسين ألف ريال، أو إذا كان الحكام صادر بعدم الإختصاص، أو بعدم قبول الدعوى شكلاً، أو بعدم سماع الدعوى لمضى المدة، أو بإعتبار الدعوى كأن لم تكن وذلك أيضاً وفق نص المادة السابعة بعد المائتين من اللائحة التنفيذية لنظام المحاكم التجارية.
وأوضحت المادة التاسعة والسبعون من النظام، أن المهلة المحددة للإستئناف على الأحكام ثلاثين يوماً من التاريخ المحدد لتسليم صورة نسخة الحكم، كما تكون المهلة المحددة للإستئناف على الأحكام الصادرة في الإختصاص وعلى الأحكام الصادرة في الدعاوى المستعجلة، عشرة أيام من التاريخ المحدد لتسليم صورة نسخة الحكم.
والجدير بالذكر أن دائرة الإستئناف المكونة من قاضٍ فرد في المحكمة التجارية تختص وفق المادة الثمانون من نظام المحاكم التجارية بالنظر في الآتي:
أ- الإعتراض على الأحكام والقرارات الصادرة من الدوائر الإبتدائية المكونة من قاضٍ فرد المتعلقة بالدعاوى والطلبات المستعجلة.
ب- الإعتراض على أوامر الأداء.
ج- الإعتراض على الأحكام الصادرة بإنتهاء الخصومة أو تركها.
د- الإعتراضات الأخرى التي يحددها المجلس الأعلى للقضاء.
وطلب الإستئناف يرفع بموجب المادة الحادية والثمانون من النظام بصحيفة يودعها المستأنف أو من يمثله لدى الإدارة المختصة، ويجب أن يتضمن طلب الإستئناف بموجب ذات المادة والمادة الثانية عشرة بعد المائتين من لائحة النظام بيانات الحكم المستأنف، وأسباب الإستئناف، وطلبات المستأنف، وإسم المستأنف ورقم هويته أو رقم السجل التجارى وعنوانه ومن يمثله، ورقم رخصة المحاماة في الإعتراضات التي يجب رفعها من محام، وكذلك إسم المستأنف ضده ورقم هويته، أو رقم السجل التجاري وعنوانه.
ويجب التنبيه على أنه وفق المادة الثالثة عشرة بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية، إذا لم يشتمل طلب الإستئناف على بيانات الحكم المستأنف وأسباب الإستئناف وطلبات المستأنف، فأن المحكمة تحكم بعدم قبول طلب الإستئناف.
ننتقل بعد ذلك لإجراءات الإستئناف، حيث أنها يمكن أن تتم بطريقتين، الطريقة الأولى تسمى إجراءات الإستئناف بدون مرافعة وتتم وفق المادة الخامسة عشرة بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية على الأحكام والقرارات الآتية:
أ- الأحكام والقرارات الصادرة في المنازعات التي تنشأ بين التجار بسبب أعمالهم التجارية الأصلية أو التبعية، و الدعاوى المقامة على التاجر في منازعات العقود التجارية، و منازعات الشركاء في شركة المضاربة، إذا كانت قيمة المطالبة الأصلية لا تزيد عن مليوني ريال سعودي.
ب- الأحكام والقرارات الصادرة في الدعاوى والطلبات المتعلقة بالحارس القضائي والأمين والمصفى والخبير المعينين ونحوهم، متى كان النزاع متعلقاً بدعوى تختص بنظرها المحكمة، ودعاوى التعويض عن الأضرار الناشئة عن دعوى سبق نظرها من المحكمة، أياً كان مبلغ المطالبة فيها.
ج- الأحكام والقرارات والأوامر التي تنظر الإعتراض عليها دائرة الإستئناف المؤلفة من قاض واحد.
والطريقة الثانية، إجراءات الإستئناف مرافعة، حيث أنه وفق المادة العشرون بعد المائتين من اللائحة التنفيذية لنظام المحاكم التجارية، إذا كان الإستئناف ينظر مرافعة فيحدد موعد الجلسة الأولى بما لا يتجاوز عشرين يوماً من تاريخ قيد الإستئناف، ويبلغ المستأنف ضده بموعد الجلسة، مع صورة من طلب الإستئناف، وعلى المستأنف ضده إيداع مذكرة الرد على الإعتراض قبل موعد الجلسة بثلاثة أيام.
كما إنه وفق المادة الرابعة والثمانون من النظام إذا لم يحضر المستأنِف الجلسة المحددة جاز للمحكمة أن تحكم في الإستئناف، إذا كانت القضية صالحة للحكم فيها أو طلب المستأنف ضده الحكم فيها، أو تأجيل الجلسة بما لا يزيد على ثلاثين يوماً، فإذا لم يحضر فيها المستأنف حكمت المحكمة من تلقاء نفسها بإعتبار إستئنافه كأن لم يكن، والجدير بالذكر أنه وفق المادة الثامنة بعد المائتين من لائحة النظام، إذا حكمت المحكمة بعدم قبول الإستئناف أو بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن فيكتسب الحكم المستأنف الصفة النهائية.
أفادت المادة السادسة والثمانون من نظام المحاكم التجارية، بأنه يجوز تقديم إلتماس إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بموجب النظام في الأحوال المنصوص عليها في نظام المرافعات الشرعية في مادته المائتان وهي كالتالي:
أ- إذا كان الحكم قد بني على أوراق ظهر بعد الحكم تزويرها، أو بني على شهادة قضي من الجهة المختصة بعد الحكم بأنها شهادة زور .
ب- إذا حصل الملتمس بعد الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان قد تعذر عليه إبرازها قبل الحكم.
ج- إذا وقع من الخصم غش من شأنه التأثير في الحكم.
د- إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه.
هـ - إذا كان منطوق الحكم يناقض بعضه بعضاً.
و- إذا كان الحكم غيابياً.
ز- إذا صدر الحكم على من لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى.
كما أنه وفق المادة الخامسة والعشرون بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية، تختص دائرة الإستئناف بالنظر في طلب الإلتماس على الحكم الذي أيدته.
ويرفع إلتماس إعادة النظر وفق المادة السابعة والثمانون من نظام المحاكم التجارية بصحيفة يودعها الملتمس أو من يمثله لدى المحكمة التي أصدرت الحكم النهائي، وفقاً للإجراءات المقررة لرفع الدعوى، على أن تتضمن الصحيفة بيانات الحكم المطلوب إعادة النظر فيه، وملخصاً عنه، وأسباب الطلب.
كما أنه تفصل المحكمة أولاً في جواز قبول إلتماس إعادة النظر والشروط اللازمة لقبوله في جلسة يبلغ بها الأطراف، ولها إذا رأت أنه مقبول شكلاً أن تحكم في قبول الإلتماس وفي الموضوع بحكم واحد، ولا تعيد المحكمة النظر إلا في الطلبات التي تناولها الإلتماس، وكل هذا وفق المادة السادسة والعشرون بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية.
والجدير بالذكر أنه بموجب المادة السابعة والعشرون بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية، لا يترتب على رفع الإلتماس وقف تنفيذ الحكم، ومع ذلك يجوز للدائرة التي تنظر الإلتماس أن تامر بوقف التنفيذ متى طلب ذلك، وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه، وللدائرة عندما تأمر بوقف التنفيذ أن توجب تقديم ضمان، كما يجب على المحكمة إذا قبلت الإلتماس أن تقضي بوقف تنفيذ الحكم متى طلب ذلك.
تختص وفق المادة الثامنة والثمانون من نظام المحاكم التجارية، الدائرة التجارية في المحكمة العليا بالنظر في الإعتراضات على الأحكام والقرارات التي تصدرها دوائر الإستئناف في المحكمة، إذا كان محل الإعتراض على الحكم ما يأتي:
أ- مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة، أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو مخالفة مبدأ قضائي صادر من المحكمة العليا.
ب- صدوره من محكمة غير مختصة، أو صدوره من محكمة غير مشكلة تشكيلاً صحيحاً وفق أحكام النظام.
ج- الخطأ في تكييف الواقعة أو في وصفها.
د- فصله في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين أطراف الدعوى.
وبالنسبة لتقديم طلب النقض، فيجب بموجب المادة الثلاثون بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية، يجب أن يتضمن الطلب بيانات الحكم المعترض عليه، وملخص عنه الأسباب التي بنى عليها الإعتراض، وطلبات المعترض، كما انه من ناحية أخرى يجب وفق المادة الحادية والثلاثون بعد المائتين من ذات اللائحة أن يرفق بطلب النقض الآتي:
أ- صورة من الوثيقة التي تثبت صفة ممثل المعترض.
ب- صورة نسخة الحكم المعترض عليه، وصورة نسخة حكم الدرجة الإبتدائية إذا كان الحكم المعترض عليه قد أحال إليه في أسبابه.
ج- المستندات التي تؤيد الإعتراض.
كل هذا بالإضافة لضرورة أن يتضمن الإعتراض تحديد الأسباب على نحو يبين سبب الإعتراض الذي يعزوه المعترض إلى الحكم، وموضعه من الحكم وأثره فيه، وذلك وفق المادة الثانية والثلاثون بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يقبل الإعتراض بطلب النقض، إلا إذا كان الحكم السابق مكتسب الصفة النهائية، وذلك وفق المادة الرابعة والثلاثون بعد المائتين من لائحة النظام، وكذلك لا يجوز وفق المادة الخامسة والثلاثون بعد المائتين من ذات اللائحة، إبداء أسباب في طلب النقض لم يسبق إبداؤها في الإستئناف وكان ممكن إبداؤها فيه.
وفى جميع الأحوال إذا قررت المحكمة نقض الحكم المعترض عليه للمرة الثانية، وجب عليها أن تحكم فيه، وذلك وفق ما نصت عليه المادة السادسة والثلاثون بعد المائتين من لائحة نظام المحاكم التجارية، وكذلك وفق المادة الثانية والتسعون من نظام المحاكم التجارية، إذا نقضت الدائرة الحكم المعترض عليه لمخالفة قواعد الإختصاص، فعليها الفصل في الإختصاص، وعند الإقتضاء تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة.
وإذا نقضت الحكم لغير ذلك، فتحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المعترض عليه لتفصل فيها من جديد من غير من نظرها، وفي هذه الحالة يجب على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم المحكمة العليا في المبدأ الذي فصلت فيه.
ومع ذلك، إذا قررت المحكمة نقض الحكم المعترض عليه، وكان الموضوع صالحاً للفصل فيه وجب عليها أن تحكم فيه.