تعتبر الشركات ذات المسؤولية المحدودة من أهم الأشكال القانونية للأعمال التجارية في المملكة العربية السعودية، حيث توفر هذه الشركات العديد من المزايا للمستثمرين والشركاء مثل حماية رأس المال والأصول الخاصة بالشركاء، وتخفيض المخاطر المالية والقانونية المترتبة على إدارة الشركة، كما تعتمد شركات المسؤولية المحدودة وفق نظام الشركات ولائحته التنفيذية على قواعد ومبادئ تحكم عملياتها التجارية، وتنظيم علاقاتها مع الشركاء والموظفين والجهات الخارجية، وكذلك إرساء القواعد الحاكمة لرأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة في المملكة، حيث يعد رأس المال من أهم مكونات شركات المسؤولية المحدودة، والذي يتم تحديده وفقاً لحجم ومدى نشاط الشركة، ويتم استخدامه لتمويل العمليات التجارية الخاصة بالشركة وتحقيق الأرباح المرجوة للشركاء المستثمرين، ومن هذا المنطلق سوف نوضح في هذا المقال ما يقرب أربعة عشرة قاعدة حاكمة لرأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة وفقاً لما جاء في نظام الشركات ولائحته التنفيذية.
الشركة ذات المسؤولية المحدودة في المملكة العربية السعودية هي شركة يؤسسها شخص واحد أو أكثر من ذوي الأفراد أو المنشآت، وتعد ذمة الشركة ذات المسؤولية المحدودة مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها أو المالك لها، هذا بالإضافة إلى أنه تكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها، ولا يكون المالك لها ولا الشريك فيها مسؤولاً عن هذه الديون والالتزامات إلا بقدر حصته في رأس المال.
وفيما يلي سوف نذكر قواعد رأس المال في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وهي على النحو التالي:
يحدد الشركاء مقدار رأس مال الشركة في عقد تأسيسها، ويقسم إلى حصص متساوية القيمة، وتكون الحصة غير قابلة للتجزئة والتداول، فإذا ملك الحصة أشخاص متعددون، جاز للشركة أن توقف استعمال الحقوق المتصلة بها إلى أن يختار مالكو الحصة من بينهم من يعد مالكاً منفرداً لها في مواجهة الشركة، ويجوز للشركة أن تحدد لهم ميعاداً لهذا الاختيار وإلا كان لها بعد انقضائه بيع الحصة لحساب مالكيها، وفي هذه الحالة تعرض الحصة على الشركاء الآخرين ثم على الغير، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على غير ذلك.
بداية الأمر، يجوز أن تكون حصة الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة نقدية أو عينية، أو الاثنتين معاً، كما يجوز أن تكون حصة الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة عملاً مقابل نسبة في الأرباح يحدد عقد تأسيس الشركة مقدارها، ولا يجوز أن تكون حصته ما له من سمعة أو نفوذ.
حيث تكون الحصص النقدية والحصص العينية وحدها رأس مال الشركة، ويجوز للمؤسسين أو الشركاء تقديم حصص أو أسهم في رأس مال الشركة إلى شخص مقابل قيامه بعمل أو خدمات تعود على الشركة بالنفع وتحقق أهدافها، وذلك دون إخلال بأحكام النظام، كما إنه إذا كانت حصة الشريك حق ملكية أو حق منفعة أو أي حق عيني آخر، كان مسؤولاً وفقاً لأحكام عقد البيع عن ضمان الحصة في حالة الهلاك وضمان التعرض أو الاستحقاق أو ظهور عيب أو نقص في الحصة، وإذا كانت حصته مجرد الانتفاع بحق شخصي على المال طبقت أحكام عقد الإيجار وذلك ما لم يتفق على غير ذلك، ومن ناحية أخرى إذا كانت حصة الشريك عملاً، وجب أن يقوم بالعمل الذي تعهد به ويكون كل كسب ينتج من هذا العمل من حق الشركة، ولا يجوز له أن يمارس هذا العمل لحسابه الخاص، ومع ذلك لا يكون ملزماً بأن يقدم إلى الشركة ما حصل عليه من حقوق على الملكية الفكرية الناتجة عن هذا العمل، إلا إذا اتفق على ذلك.
يعد كل شريك مديناً للشركة بالحصة التي تعهد بها، وإذا تأخر الشريك عن تقديم حصته في رأس مال الشركة، في الأجل المحدد لذلك، كان للشركة مطالبته بتنفيذ ما تعهد به تجاهها، أو تعليق نفاذ الحقوق المتصلة بحصصه كالحق في الحصول على أرباح أو حق التصويت في الجمعية العامة أو على قرارات الشركاء، مع احتفاظ الشركة في جميع الأحوال بالحق في مطالبته بالتعويض عن الضرر المترتب على ذلك.
يتبع في تقييم الحصص العينية المقدمة للشركة ذات المسؤولية المحدودة الأحكام الواردة في نظام الشركات والتي تنص على الآتي:
إذا قدمت حصص عينية عند تأسيس الشركة أو عند زيادة رأس مالها لا يتجاوز مجموع قيمتها نصف رأس مال الشركة، فلا يجب تقييمها من مقيم معتمد ما لم يتفق المؤسسون على غير ذلك، كما إنه إذا تجاوزت قيمة الحصص العينية المقدمة عند تأسيس الشركة أو زيادة رأس مالها نصف رأس مالها، وجب تقييمها من مقيم معتمد أو أكثر، وأن يعد المقيم تقريراً يُبين فيه القيمة العادلة لهذه الحصص، ويعرض ذلك التقرير على المؤسسين أو المساهمين للمداولة فيه، ولا يكون لمقدمي الحصص العينية المشاركة في التصويت على القرار بشأن التقرير المعد عنها، فإن قرر المؤسسون تخفيض المقابل المحدد للحصص العينية، وجب الحصول على موافقة مقدمي تلك الحصص على ذلك التخفيض.
هذا ويشترط ألا تتجاوز المدة ما بين إصدار تقرير المقيم المعتمد بتقدير القيمة العادلة للحصص العينية المقدمة في رأس مال شركة المساهمة وشركة المساهمة المبسطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة، وإصدار الأسهم مقابل تلك الحصص ستة أشهر، ويضاف أنه إذا لم تقيم الحصص العينية من مقيم معتمد أو إذا قُيمت بغير تقدير المقيم المعتمد المعين، يكون المؤسسون أو المساهمون مسؤولين شخصياً في جميع أموالهم في مواجهة الغير عن عدالة تقدير هذه الحصص وأداء الفرق نقداً إلى الشركة، ولا تسمع الدعوى في هذه الحالة بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ قيد الشركة لدى السجل التجاري أو زيادة رأس مالها بحسب الأحوال.
زيادة رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة لكل شريك عند زيادة رأس مال الشركة عن طريق إصدار حصص جديدة، الحق في أن يتملك من حصص الزيادة بنسبة ما يملكه في رأس مالها، وإذا طلب شريك تملك الحصص الجديدة بأقل من النسبة التي يحق له تملكها، جاز للشركاء الآخرين أن يتملكوا الحصص الباقية بنسبة عدد الحصص التي يملكونها، ويقدم الشركاء مشروعاً بتعديل عقد تأسيس الشركة متضمناً زيادة رأس مال الشركة وإقراراً بالوفاء بقيمة حصص الزيادة إلى السجل التجاري، ويكون قرار الزيادة نافذاً بعد قيده وشهره لدى السجل.
للجمعية العامة للشركاء أن تقرر تخفيض رأس المال إذا زاد على حاجة الشركة أو إذا مُنيت بخسائر، وفي هذه الحالة الأخيرة لا يصدر قرار التخفيض إلا بعد تلاوة بيان في الجمعية العامة للشركاء يعده مدير الشركة عن الأسباب الموجبة للتخفيض وعن التزامات الشركة وأثر التخفيض في الوفاء بها، ويرفق بهذا البيان تقرير من مراجع حسابات الشركة، ويجوز الاكتفاء بعرض البيان المذكور على الشركاء في الحالات التي يصدر فيها قرار الشركاء بالتمرير، وإذا كان تخفيض رأس المال نتيجة زيادته على حاجة الشركة، فيجب على كل مدير في الشركة إعداد بيان بملاءة الشركة المالية يتضمن الآتي :
أ- أنه بفحصه وضع الشركة في تاريخ إعداد البيان، يؤكد عدم وجود ما من شأنه أن يجعل الشركة غير قادرة على سداد ديونها والتزاماتها.
ب- أن الشركة قادرة على سداد ديونها والتزاماتها التي تستحق خلال الاثني عشر شهراً التي تلي تاريخ إعداد البيان.
ويجب على كل مدير في الشركة أن يوقع البيان السابق بيانه ويضمنه تاريخ إعداده، ويزود الشركاء به قبل خمسة عشر يوماً على الأقل من التاريخ المحدد لاتخاذ قرار التخفيض، ويقدم الشركاء مشروعاً بتعديل عقد تأسيس الشركة متضمناً تخفيض رأس مال الشركة إلى السجل التجاري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور قرار التخفيض، وترفق به الوثائق ويكون قرار التخفيض نافذاً بعد قيده وشهره لدى السجل التجاري.
يجوز أن ينص في عقد تأسيس الشركة على تجنيب نسبة معينة من صافي الأرباح لتكوين احتياطي يخصص للأغراض التي يحددها عقد التأسيس، كما أن للشركاء عند تحديد نصيب الحصص في صافي الأرباح في اجتماع الجمعية العامة السنوي أن يقرروا تكوين احتياطيات، وذلك بالقدر الذي يحقق مصلحة الشركة أو يكفل توزيع أرباح ثابتة قدر الإمكان على الشركاء، ولتلك الجمعية أن تقتطع من صافي الأرباح مبالغ لتحقيق أغراض اجتماعية لعاملي الشركة.
ترتب الحصص حقوقاً متساوية في الأرباح الصافية وفي فائض التصفية، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على غير ذلك، وتحدد الجمعية العامة النسبة التي يجب توزيعها على الشركاء من الأرباح الصافية بعد خصم الاحتياطيات إن وجدت، كما يستحق الشريك حصته في الأرباح وفقاً لقرار الجمعية العامة أو الشركاء الصادر في هذا الشأن، ويبين القرار تاريخ الاستحقاق وتاريخ التوزيع.
يجوز للشريك أن يتنازل عن حصته لأي من الشركاء وفقاً للشروط المنصوص عليها في عقد تأسيس الشركة، ويجب على الشريك إذا أراد التنازل عن حصته لغير أحد الشركاء في الشركة بعوض أو دونه أن يُبلغ باقي الشركاء عن طريق مدير الشركة باسم المتنازل له أو المشتري وبشروط التنازل أو البيع، وعلى المدير أن يبلغ باقي الشركاء بمجرد وصول الإبلاغ إليه، ويجوز لكل شريك أن يطلب استرداد تلك الحصة وسداد قيمتها أو قيام الشركة بشرائها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغ المدير بالثمن الذي يتفق عليه، وإذا طلب استرداد هذه الحصة أو الحصص أكثر من شريك قُسمت بينهم بنسبة حصة كل منهم في رأس المال، وفي حال الاختلاف على قيمة الحصة تُقدر قيمتها على نفقة طالب الاسترداد أو الشركة بحسب الأحوال من مقيم معتمد أو أكثر يعد تقريراً يُبين فيه القيمة العادلة لحصة الشريك الراغب في التنازل، وإذا انقضت المدة المحددة لممارسة حق الاسترداد دون أن يطلب أي من الشركاء استرداد الحصة أو إذا لم يقم طالب الاسترداد بسداد قيمتها أو إذا لم تقم الشركة بشرائها خلال تلك المدة، كان لصاحبها الحق في التنازل عنها للغير.
كما يجوز أن يُنص في عقد تأسيس الشركة على إجراءات أخرى للإبلاغ بالتنازل عن الحصة أو على طريقة تقييم أخرى أو مدة أطول لممارسة حق الاسترداد وسداد القيمة أو لقيام الشركة بشرائها، والجدير بالذكر أنه لا يسري حق الاسترداد على انتقال ملكية الحصص بالإرث أو بالوصية أو بموجب حكم من الجهة القضائية المختصة.
يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة أن تصدر وفقاً لنظام السوق المالية أدوات دين أو صكوكاً تمويلية قابلة للتداول، كما يجب أن تصدر أدوات الدين أو الصكوك التمويلية بموافقة الشركاء وفقاً للأوضاع المقررة لتعديل عقد تأسيس الشركة.
يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة شراء حصصها إذا كان عقد تأسيسها ينص على ذلك، ويشترط الحصول على موافقة الشركاء على شراء الشركة للحصص وتنازلهم عن الحق في استردادها، وتفويض مدير الشركة في إتمام الشراء خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ موافقة الشركاء، ما لم ينص عقد التأسيس على مدة أطول، ولا يكون للحصص التي تشتريها الشركة أصوات في الجمعية العامة.
يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة رهن الحصص ويكون للدائن المرتهن قبض الأرباح ما لم يتفق في عقد الرهن على غير ذلك، بحيث يجوز للشريك في الشركة رهن حصصه وفقاً للضوابط الآتية :
أ- الحصول على الموافقات النظامية اللازمة لإنشاء الرهن إن وجدت.
ب- استيفاء عقد رهن الحصص بين الشريك الراهن والدائن المرتهن
كما ينشأ الرهن على الحصص بموجب عقد مكتوب يتضمن البيانات الآتية:
أ- اسم الشريك الراهن واسم المرتهن وأرقام هوياتهم وعناوينهم.
ب- عدد الحصص المرهونة، وقيمتها، ورقم سجل الشركة التجاري.
ج- مقدار الدين المضمون بالرهن، والحد الأقصى الذي ينتهي إليه إن وجد.
د- اسم المدين (إذا كان غير الراهن)، ورقم هويته، وعنوانه.
هـ- تاريخ عقد الرهن.
و- شروط فك الرهن وأحكامه.
ز- أي شروط أخرى يتفق عليها الطرفان.
يجوز أن ينص في عقد تأسيس الشركة بعد موافقة شريك أو أكثر يمثلون 90% من رأس مال الشركة على الأقل، على الآتي:
أ- أن يكون لأكثرية الشركاء إلزام الأقلية بقبول عرض من مشترٍ حسن النية لشراء جميع حصص الشركة بذات السعر والشروط والأحكام الخاصة بشراء حصص الأكثرية.
ب- أن يكون لأقلية الشركاء إلزام الأكثرية بضمان بيع حصص الأقلية في الحالات التي يبيع فيها الأكثرية حصصهم بذات السعر والشروط والأحكام الخاصة ببيع حصص الأكثرية.
إذا بلغت خسائر الشركة نصف رأس مالها، وجب على مدير الشركة دعوة الجمعية العامة للشركاء إلى الاجتماع خلال ستين يوماً من تاريخ العلم ببلوغ الخسارة هذا المقدار للنظر في استمرار الشركة مع اتخاذ أي من الإجراءات اللازمة لمعالجة تلك الخسائر أو حلها.