تضمن نظام الشركات الجديد أشكال مستحدثة لأنواع الشركات في السعودية بجانب الأشكال المتعارف عليها، كما تضمن أحكام وقواعد تم تطويرها خصيصاً لتسهيل إجراءات تأسيس الشركات في السعودية، وكذلك تضمن كل ما يخص إدارة الشركة وبيان الحقوق والإلتزامات الواجب إتباعها، فيمكننا القول بأن نظام الشركات السعودي الجديد يعد أفضل ما تم إصداره لدعم البنية التشريعية في مجال الشركات، ويأتي ذلك نتيجة حرص المملكة العربية السعودية على تحقيق أعلى المراكز الإقتصادية عالمياً، ولعل من المفيد أيضاً أن نبين أن نظام الشركات السعودي الجديد تضمن ضوابط وإجراءات تصفية الشركات، وبيان ما يجب إتباعه عند دخول الشركة في مرحلة التصفية، ومن هذا المنطلق وعلى أثر أهمية موضوع تصفية الشركات سوف نسلط الضوء في هذا المقال على كل التساؤلات التي تثار حول موضوع تصفية الشركة في المملكة العربية السعودية.
بينت المادة الرابعة والأربعون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد أن الشركة تدخل في دور التصفية إذا إنقضت، وكذلك تعد الشركة وفق المادة الثالثة والأربعون بعد المائتين من ذات النظام منقضية، حال إنتهاء المدة المحددة لها إذا كانت محددة المدة ما لم تمدد وفقاً لأحكام النظام، وعند إتفاق الشركاء أو المساهمين على حلها، وأيضاً عند صدور حكم قضائي نهائي بحلها أو بطلانها.
يقصد بالحل إنهاء أعمال الشركة، بحيث في البداية يلتزم مديرو الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها بموجب المادة الثانية والأربعون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد بإعداد بيان يفيد بقيامهم بفحص أوضاع الشركة، وذلك قبل إتخاذ الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين قرارا بحل الشركة، بحيث يتضمن التأكيد على أن أصول الشركة تكفي لسداد ديونها بنهاية مدة التصفية المقترحة وأن الشركة غير متعثرة وفقاً لنظام الإفلاس، ويعرض هذا البيان خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعداده على الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين لإتخاذ قرار بحل الشركة، كما يجب التنبيه على أنه إذا تبين من البيان بأن أصول الشركة لا تكفي لسداد ديونها أو أن الشركة متعثرة وفقاً لنظام الإفلاس السعودي، فلا يجوز للشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين إتخاذ قرار بحل الشركة، وإلا كانوا مسؤولين بالتضامن عن أي دين متبق في ذمتها.
يأتي بعد ذلك دخول الشركة في دور التصفية وفق المادة الرابعة والأربعون بعد المائتين من ذات النظام، بحيث يجب على الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين إتخاذ إجراءات التصفية، وتحتفظ الشركة بالشخصية الإعتبارية بالقدر اللازم للتصفية، وكذلك إذا إنقضت الشركة لأي من أسباب الإنقضاء السابق ذكرها، وجب على الشركاء أو المساهمين أو مديري الشركة أو مجلس إدارتها بحسب الأحوال إعداد البيان المشار إليه، ما لم يكن معد قبل إنقضائها ولم تتجاوز المدة من تاريخ إعداده ثلاثين يوماً، وفى حال إنقضت الشركة وكانت أصولها لا تكفي لسداد ديونها أو كانت متعثرة وفقاً لنظام الإفلاس، وجب عليها التقدم إلى الجهة القضائية المختصة لإفتتاح أي من إجراءات التصفية وفقاً لنظام الإفلاس السعودي.
وتكون إجراءات تصفية الشركة وفق أحكام نظام الشركات السعودي الجديد، وذلك ما لم ينص عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي، أو يتفق الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمون، بحسب الأحوال على كيفية تصفية الشركة عند إنقضائها، وهذا وفق نص المادة الخامسة والأربعون من نظام الشركات.
يقوم بالتصفية وفق المادة السابعة والأربعون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد، مصف واحد أو أكثر، من الشركاء أو المساهمين أو من غيرهم.
ويكون تعيين المصفي وفق المادة الثامنة والأربعون بعد المائتين من ذات النظام بقرار من الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين وفق للأوضاع المقررة لتعديل عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي بحسب شكل الشركة، وذلك خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تاريخ إنقضاء الشركة.
ويجب التنبيه على أنه إذا تعذر تعيين المصفي خلال تلك المدة، يكون تعيينه بقرار من الجهة القضائية المختصة بناء على طلب يقدمه أي من الشركاء أو المساهمين أو صاحب مصلحة، كما أنه أيضاً إذا كان إنقضاء الشركة نتيجة حلها أو بطلانها بحكم قضائي نهائي، عُين المصفي بقرار من الجهة القضائية التي صدر منها ذلك الحكم، وتطلب الجهة القضائية المختصة قبل إصدار قرار تعيين المصفي من الشركاء أو المساهمين أو مديري الشركة أو مجلس إدارتها بحسب الأحوال تقديم بيان بفحص أوضاع الشركة أو ما يلزم من بيانات وسجلات محاسبية، أو قوائم مالية إن وجدت ، تثبت أن أصول الشركة تكفي لسداد ديونها بنهاية مدة التصفية، وأن الشركة غير متعثرة وفقاً لنظام الإفلاس، وذلك خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ الطلب، وإذا رأت الجهة القضائية المختصة أن أصول الشركة لا تكفي لسداد ديونها، فعليها إتخاذ ما يلزم لإفتتاح أي من إجراءات التصفية وفقاً لنظام الإفلاس.
وتجدر الإشارة إلى أنه في حال تعدد المصفون وجب عليهم أن يعملوا مجتمعين، ولا تكون تصرفاتهم صحيحة إلا بإجماعهم، ما لم ينص قرار تعيينهم أو تصرح لهم الجهة التي عينتهم بغير ذلك، وهذ وفق المادة الحادية والخمسون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد.
كما أنه من جانب أخر، تنتهي سلطة مدير الشركة أو مجلس إدارتها بإنقضائها ومع ذلك يظل هؤلاء قائمين على إدارة الشركة، ويعدون بالنسبة إلى الغير في حكم المصفي إلى أن يُعين المصف، وتبقى جمعيات الشركة قائمة خلال مدة التصفية، ويقتصر دورها على ممارسة إختصاصاتها التي لا تتعارض مع إختصاصات المصفي، ويبقى للشريك أو المساهم خلال مدة التصفية حق الإطلاع على وثائق الشركة المقرر له في النظام أو عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي، وكل ذلك وفق المادة السادسة والأربعون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد.
بداية الأمر يلتزم المصفي بأن يقيد ويشهر قرار تعيينه لدى السجل التجاري، كما أنه لا يحتج بتعيينه أو بإجراءات التصفية في مواجهة الغير إلا من تاريخ القيد والشهر، وذلك وفق المادة التاسعة والأربعون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد.
ومن جانب أخر يعد من صلاحيات المصفي المنصوص عليها في المادة الثانية والخمسون بعد المائتين من ذات النظام، تمثيل الشركة أمام القضاء وهيئات التحكيم والغير، والقيام بجميع الأعمال التي تقتضيها التصفية، وبوجه خاص تحويل أصول الشركة إلى نقود، بما في ذلك بيع المنقولات أو العقارات بالمزاد أو بأي طريقة أخرى تكفل الحصول على أفضل سعر ممكن، و يجوز أيضاً للمصفي أن يبيع أصول الشركة جملة، أو أن يقدمها حصة في شركة أخرى إذا صرحت له بذلك الجهة التي عينته، ولا يجوز للمصفي أن يبدأ أعمال جديدة إلا أن تكون لازمة لإتمام أعمال سابقة، هذا بجانب إلتزام الشركة بأعمال المصفي الداخلة في حدود سلطاته.
يلتزم مدير الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها بأن يقدموا إلى المصفي عند تعيينه سجلات الشركة ووثائقها والإيضاحات والبيانات التي يطلبها، كما يلتزم المصفي خلال تسعين يوماً من مباشرته أعماله بإعداد جرداً بجميع أصول الشركة وما لها من حقوق وما عليها من إلتزامات، ويطلب من مراجع حسابات الشركة إن وجد إصدار تقرير عن ذلك الجرد، ويجوز للجهة التي عينت المصفي تمديد هذه المدة عند الإقتضاء، ويعد المصفي في نهاية كل سنة مالية قوائم مالية وتقرير عن أعمال التصفية ويتضمن بيان لملحوظاته وتحفظاته على أعمال التصفية والأسباب التي أدت إلى إعاقتها أو تأخيرها إن وجدت وإقتراحاته لتمديد مدة التصفية، وعليه تزويد السجل التجاري بنسخة من هذه الوثائق وعرضها على الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين للموافقة عليها وفقاً لأحكام عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي، وكل هذا وفق المادة الثالثة والخمسون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد.
ويكون المصفي أيضاً بموجب المادة الرابعة والخمسون بعد المائتين من ذات النظام، إذا تبين له في أي وقت خلال التصفية أن أصول الشركة لا تكفي لسداد ديونها، فيتعين عليه فوراً إبلاغ الشركاء أو المساهمين ودائني الشركة، والتقدم إلى الجهة القضائية المختصة بطلب إفتتاح أي من إجراءات التصفية وفقاً لنظام الإفلاس السعودي.
وكذلك أيضاً يتعين على المصفى القيام بالإلتزامات المنصوص عليها في المادة الخامسة والخمسون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد، كسداد ديون الشركة إذا كانت حالّة حسب الأولوية وتجنيب المبالغ اللازمة لسدادها إن كانت آجلة أو متنازع عليها، وأن يرد بعد سداد الديون إلى الشركاء أو المساهمين قيمة حصصهم أو أسهمهم في رأس المال، وأن يوزع عليهم الفائض بعد ذلك وفق أحكام عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي، فإن لم يتضمن عقد التأسيس أو النظام الأساس أحكام في هذا الشأن، وزع الفائض على الشركاء أو المساهمين بنسبة حصصهم أو أسهمهم في رأس المال، كما أنه إذا لم يكف صافي أصول الشركة للوفاء بقيمة حصص الشركاء أو أسهم المساهمين، وزعت الخسارة بينهم بحسب النسبة المقررة في توزيع الخسائر.
يكون المصفي مسؤول عن تعويض الضرر الذي يصيب الشركة أو الشركاء أو المساهمين أو الغير نتيجة تجاوزه حدود سلطاته أو نتيجة الأخطاء التي يرتكبها في أداء أعماله، كما تكون المسؤولية إما شخصية تلحق المصفي بذاته أو مشتركة على جميع المصفين إذا تعددوا وكان القرار صادراً بإجماعهم، ما لم يكن لكل منهم حق العمل على إنفراد وكل هذا بموجب المادة الثامنة والخمسون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد، كما لعله من المفيد أن ننوه على أنه بموجب المادة التاسعة والخمسون بعد المائتين من ذات النظام، لا تسمع الدعوى ضد المصفي بعد خمس سنوات من تاريخ شطب قيد الشركة لدى السجل التجاري، فيما عدا حالتي التزوير والإحتيال.
يجب على المصفي وفق المادة السابعة والخمسون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد، أن يقدم عند إنتهاء أعمال التصفية تقرير مالي تفصيلي عما قام به من أعمال، وتنتهي التصفية بموافقة الجهة التي عينت المصفي على هذا التقرير، كما يجب عليه قيد وشهر إنتهاء التصفية لدى السجل التجاري، ولا يعتد بإنتهاء التصفية في مواجهة الغير إلا من تاريخ شطب قيد الشركة من السجل التجاري.
تجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز تصفية الشركة غير الربحية العامة إلا بعد الحصول على موافقة وزارة التجارة، وذلك وفق الفقرة الخامسة من المادة الرابعة والأربعون بعد المائتين من نظام الشركات السعودي الجديد، كما أنه وفق المادة السادسة والخمسون بعد المائتين من ذات النظام يؤول صافي أصول الشركة غير الربحية عند تصفيتها إلى الأشخاص أو الكيانات غير الربحية المحددة في عقد تأسيس الشركة غير الربحية أو نظامها الأساسي، وإذا كان صافي أصول الشركة غير الربحية ناشئاً عن هبة أو وصية أو وقف، فيؤول إلى الأشخاص أو الكيانات غير الربحية التي حددها الواهب أو الموصي أو الواقف.
كما أنه إذا لم يحدد عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي الأشخاص أو الكيانات غير الربحية التي تؤول إليها أموالها، وإذا لم يحددها الواهب أو الموصي أو الواقف، فتؤول الأموال بعد الحصول على موافقة وزارة التجارة إلى أشخاص أو كيانات غير ربحية تهدف إلى تحقيق مصارف ومجالات مماثلة أو مشابهة للمصارف والمجالات المحددة لتلك الأموال، ويلتزم الأشخاص أو الكيانات غير الربحية التي آلت إليها الأموال بإستعمالها في المصارف والمجالات المحددة لها.