التمويل يعتبر عنصر أساسي في حياة الأفراد ويلعب دوراً حاسماً في تحقيق أهدافهم الشخصية والمالية، كما يعتبر التمويل وسيلة فاعلة لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، فهو يساهم في تنمية الأعمال التجارية والاستثمارات، وتلبية الاحتياجات الشخصية الضرورية، والجدير بالذكر أنه تعد المملكة العربية السعودية أحد أكبر الأسواق المالية في العالم، ولذلك فهي تحظى بمجموعة متنوعة من المنتجات المالية التي تلبي الاحتياجات المختلفة للأفراد، فمن خلال التمويل يتمكن الأفراد من تمويل شراء المنازل والسيارات وتعليم أبنائهم، وتحقيق التقدم المالي من خلال الاستثمار في الأسهم والسندات والعقارات.
ومع ذلك يجب أن يتم تقديم التمويل بطريقة مسؤولة ومستدامة، حيث ترتكز مبادئ التمويل المسؤول على مفهوم إدارة المخاطر وتحقيق التوازن بين الربحية والاستدامة الاجتماعية، حيث تساهم هذه المبادئ في تعزيز الثقة والشفافية في القطاع المالي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي على المستوى الفردي والعام، كما أنه بفضل التمويل المسؤول في السعودية يتم توفير الفرصة للأفراد لتحقيق أهدافهم وتطوير قدراتهم وتنمية قدراتهم الاقتصادية، كما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة في المملكة.
لذا، ينبغي على الأفراد والممولين في السعودية أن يكونوا ملمين بأساسيات التمويل المسؤول وبجانب تعرف الأفراد على الأدوات المالية المناسبة لهم، كما يجب عليهم أيضاً العمل على تعزيز ثقافة الادخار والاستثمار المستدام، والتحكم في الديون والالتزام بسدادها في الوقت المحدد، وعليه سنوضح في هذا المقال ما هو التمويل المسؤول للأفراد في السعودية وفقاً لما جاء في مبادئ التمويل المسؤول للأفراد الصادرة عن البنك المركزي السعودي.
يعد التمويل المسؤول للأفراد في السعودية عبارة عن مبلغ تمويل يقدمه البنوك أو شركات التمويل في السعودية للعميل، حيث يتمكن العميل بناء على عقد التمويل المبرم مع الممول من الحصول على الحد الأقصى أو إجمالي المبالغ المتاحة له، كما يتضمن عقد التمويل أيضاً قيمة الأجل المقررة على العميل، ويمكن التعبير عنها بنسبة مئوية سنوية ثابتة أو متغيرة من مبلغ التمويل المقدم للعميل، كذلك يشمل العقد إجمالي المبلغ المستحق سداده من العميل مبلغ التمويل، بحيث يكون مضافاً إليه جميع ما يلتزم العميل بأدائه من تكاليف وفق أحكام عقد التمويل وتشمل كلفة الأجل والرسوم والعمولات وتكاليف الخدمات الإدارية والتأمين، وأي نفقات لازمة للحصول على التمويل، مع استبعاد أي نفقات يمكن للعميل تجنيها مثل التكاليف أو الرسوم التي تستحق على العميل نتيجة إخلاله بأي من التزاماته الواردة في عقد التمويل.
تهدف مبادئ التمويل المسؤول للأفراد في المملكة العربية السعودية إلى تشجيع التمويل المسؤول الذي يلبي الاحتياجات الفعلية للعملاء خصوصاً تلك المتعلقة بالحصول على المساكن والأصول بدلاً من الأغراض الاستهلاكية، كما تهدف هذه المبادئ إلى تعزيز الشمول المالي من خلال توفير التمويل المناسب لجميع فئات المجتمع، ومراعاة نسب التحمل وهي نسب الالتزامات الائتمانية الشهرية للعميل إلى إجمالي الدخل الشهري للعميل ضمن نطاق يمكن للعميل تحمله، وتهدف هذه المبادئ أيضاً إلى ضمان العدالة والتنافسية بين الممولين بما يحافظ على فاعلية الإجراءات والآليات المتبعة من قبلهم وضمان كفاءتها.
تُطبق مبادئ التمويل المسؤول للأفراد في المملكة العربية السعودية على جميع الممولين وتخضع لها أنشطة التمويل الموجهة إلى العملاء والتي تتضمن جميع المنتجات والبرامج الائتمانية الموجهة إلى الأفراد ويشمل ذلك على سبيل المثال لا الحصر التمويل الشخصي وتمويل المركبات والبطاقات الائتمانية والتمويل العقاري.
حيث يكون على الممول في المملكة العربية السعودية وضع الضوابط والإجراءات الداخلية الملائمة لضمان متابعة الالتزام بهذه المبادئ والأنظمة واللوائح والتعليمات الأخرى ذات العلاقة وإيلاء اهتمام وحرص خاص لتوثيق المعلومات والمستندات المقدمة من العميل بما يضفي عليها درجة مقبولة من الموثوقية، هذا وفي حال ما إذا أسند الممول بعض الأعمال ذات العلاقة إلى طرف أو أطراف أخرى، يتعين عليه التأكد من التزام تلك الأطراف هذه المبادئ وعدم مخالفتهم أحكام هذه المبادئ والأنظمة واللوائح والتعليمات الأخرى ذات العلاقة.
وأيضاً يكون على الممول اتخاذ ما يلزم لضمان فهم موظفيه الكامل لهذه المبادئ والتزامهم بتطبيقها، ومشاركتها مع العملاء واطلاعهم عليها والأخذ في الاعتبار عند إعداده لبرامج تحفيز لموظفيه بمراعاة هذه المبادئ وعدم وضع برامج تؤدي إلى التمويل غير المسؤول وعدم الاكتفاء بالاعتماد على عدد أو قيمة التمويل الممنوح، وكذلك يكون على الممول الاحتفاظ بسجلات كافية لإثبات التزامه بمبادئ التمويل المسؤول للأفراد والأنظمة واللوائح والتعليمات الأخرى ذات العلاقة في المملكة.
في البداية يكون على الممول اتباع أسلوب علمي ومعايير وإجراءات واضحة وشفافة ومكتوبة لتقييم الجدارة الائتمانية للعميل وقدرته على السداد، وذلك وفق أفضل الممارسات في هذا المجال وبما لا يتعارض مع هذه المبادئ، وعلى مجلس إدارة الممول اعتماد هذه المعايير والإجراءات ومراجعتها سنوياً وتحديثها عند الحاجة، وعلى الممول تطبيق هذه الإجراءات قبل منح التمويل وتوثيق ذلك في ملف التمويل.
كما يكون على الممول فحص السجل الائتماني للعميل بعد موافقته، للتحقق من ملاءته المالية وقدرته على تحمل الالتزامات الائتمانية الشهرية وسلوكه الائتماني وتوثيق ذلك في ملف التمويل، وعلى الممول أن يطلب من العميل الإفصاح كتابياً عن أي التزامات ائتمانية أخرى عليه مثل القروض من جهة العمل أو الأصدقاء أو الأقارب أو غيرها من الالتزامات الأخرى، سواء كانت حالية أو متوقعة وتوثيق ذلك في ملف التمويل، وعلى الممول وفق أحكام الأنظمة واللوائح والتعليمات ذات العلاقة بعد منح التمويل تسجيل المعلومات الائتمانية المتعلقة بالتمويل الممنوح للعميل بعد موافقته لدى شركات المعلومات الائتمانية المرخص لها، وتحديث تلك المعلومات طوال مدة التعامل مع العميل، وعلى الممول رفض طلب التمويل في حال عدم حصوله على موافقة العميل على جميع ما سبق في هذه الفقرة.
وعلى الممول أن يُخضع جميع عملائه لتقييم إمكانية تحمل الالتزامات الائتمانية الشهرية، خصوصاً في الظروف التي تقترب فيها نسب التحمل للعميل من الحدود العليا الواردة في هذه المبادئ، ويعتمد تقييم إمكانية تحمل الالتزامات الائتمانية الشهرية في الأساس على تقييم صافي الدخل الشهري المتاح للعميل الممكن استخدامه في الوفاء بالتزاماته الائتمانية الشهرية، على أن يتم الأخذ في الاعتبار تباين المصاريف الأساسية بناءً على عوامل متعددة مثل مستويات الدخل وعدد المعالين ومحل الإقامة، وما إذا كان العميل مالكاً لمنزله أو مستأجراً له أو غير ذل ك، ويُتوقع أن يقوم الممول بوضع قواعد ملائمة وفق أفضل الممارسات التطبيق عوامل شاملة على الفئات المختلفة للعملاء، ويعتبر التمويل ممكن التحمل إذا كان إجمالي الالتزامات الائتمانية الشهرية للعميل بعد منح التمويل أقل من صافي الدخل الشهري المتاح للعميل وبما لا يتعارض مع نسب التحمل.
كذلك يكون على الممول استخدام نماذج وأدوات مالية لقياس إمكانية تحمل الالتزامات الائتمانية الشهرية ومدى ملاءمة التمويل لاحتياجات وظروف العميل، بناء على دراسة ائتمانية وتقييم لصافي الدخل الشهري المتاح للعميل، ويقوم هذا النوع من النماذج على أساسيات من أبرزها حصر وتصنيف للمصاريف الأساسية المعتادة لفئات العملاء المختلفة، وتشمل المصاريف الأساسية بحد أدنى المجموعات الآتية:
أ- مصاريف الأغذية، وتتأثر بعدد الأفراد المعالين.
ب- مصاريف السكن (الإيجار) والخدمات، وتعتمد على ما إذا كان العميل مالكاً لمنزله أو مستأجراً له أو غيرها.
ج- أجور العمالة المنزلية.
د- مصاريف التعليم ، وتتأثر بعدد الأفراد المعالين.
هـ- مصاريف الرعاية الصحية، وتتأثر بعدد الأفراد المعالين.
و- مصاريف النقل ومصاريف الاتصالات.
ز- مصاريف التأمين للفرد شخصياً ومن يعولهم، بحسب الحال.
ح- أي تكاليف أو مصاريف مستقبلية متوقعة.
كما يضاف إلى ما سبق، الالتزامات الائتمانية الشهرية القائمة التي يمكن التحقق من خلال شركات المعلومات الائتمانية المرخص لها والتمويل الممنوح من قبل جهة العمل أو الأصدقاء والأقارب أو غيرها من التمويلات الأخرى والتي تسدد عن طريق أقساط شهرية أو نصف سنوية أو غيرها.
وأيضاً على الممول أن يضمن الموازنة بين الكفاءة والفعالية في النماذج والأدوات المالية المستخدمة لقياس إمكانية التحمل، ويستفاد مما لدى الممول من معلومات وبيانات، وكذلك من مصادر الإحصاءات العامة المتوافرة بالشكل القانوني، وينبغي أن تتضمن منهجية تلك النماذج والأدوات بحد أدنى ما يأتي:
أ- آلية حساب وتحليل إجمالي الدخل الشهري.
ب- آلية حساب وتحليل الالتزامات الائتمانية الشهرية.
ج- آلية حساب وتحليل المصاريف الأساسية، بما في ذلك الآتي:
يجب الالتزام بشروط احتساب الالتزامات الائتمانية الشهرية للعميل على النحو الآتي:
أ- يكون الالتزام الائتماني الشهري للبطاقة الائتمانية مساوياً للحد الأدنى للسداد من السقف الائتماني لكل بطاقة ائتمان مصدرة للعميل.
ب- تشمل الالتزامات الائتمانية الشهرية جميع الالتزامات الائتمانية تجاه الممولين ومؤسسات الإقراض الحكومية المتخصصة وأي التزامات ائتمانية أخرى مثل القروض من جهة العمل أو الأصدقاء والأقارب أو غيرها من التمويلات الأخرى.
ج- على الممول أن يراعي قبل منح التمويل ذي كلفة الأجل المتغيرة إضافة هامش افتراضي على كلفة الأجل عند منح التمويل عند حساب الالتزامات الائتمانية الشهرية لهذا التمويل، على أن يتم توثيق الالتزامات الائتمانية الشهرية لهذا التمويل على أساس كلفة الأجل عند منح التمويل إضافة إلى الهامش الافتراضي في التقرير الائتماني للعميل في شركة المعلومات الائتمانية، وذلك لمواجهة مخاطر التغير في كلفة الأجل.
د- بعد منح التمويل يكون الممول مسؤولاً عن تجاوز نسبة تحمل الالتزامات الائتمانية للعميل عن الحد المسموح به بموجب هذه المبادئ إذا كان ذلك التجاوز نتيجة لتغير كلفة الأجل، وإذا حدث ذلك تعين على الممول إعادة جدولة فترات السداد الخاصة بالتمويل ولا يجوز للممول حينذاك احتساب كلفة أجل تؤدي إلى تجاوز هذه الحدود.
هـ- تكون الالتزامات الائتمانية الشهرية للتمويل الذي لا تكون فيه جميع الأقساط متساوية محسوبة بافتراض ثبات القسط الشهري عند مستوى المتوسط الشهري لكافة الأقساط وبغض النظر عما إذا كان التمويل مستحق السداد من خلال دفعات متساوية أو يستوجب سداد دفعة أخيرة.
كما يجب الالتزام بشروط احتساب إجمالي الدخل الشهري للعميل على النحو الآتي:
أ- يحتسب من إجمالي الراتب ما يكون موثقاً بأي وسيلة من جهة العمل.
ب- يُحتسب من الدخل الآخر نصف المتوسط الشهري لإجمالي المبالغ المالية التي يحصل عليها الشخص من أي مصدر دخل دوري سواء كان شهرياً أو سنوياً أو ذا فترة دورية أخرى، بما في ذلك البدلات أو المكافآت التي تدفع بشكل دوري، أو عوائد إيجار الأصول أو عوائد الاستثمارات، أو توزيعات أرباح الشركات أو غير ذلك، والتي يمكن التحقق منها بناءً على كشف حساب العميل لمدة سنتين على الأقل أو بموجب وثائق رسمية تثبت استمراريتها.
ج- لا يجوز احتساب ما يحصل عليه العميل من الإعانات الحكومية مثل برنامج حساب المواطن أو الضمان الاجتماعي ضمن إجمالي الدخل الشهري للعميل، إلا أنه يجوز احتساب الدعم الحكومي الموثق مع المواطن تعاقدياً والمقدم من وزارة الإسكان أو صندوق التنمية العقارية ضمن إجمالي الدخل الشهري للعميل وذلك لمنتجات التمويل العقاري.
هذا وتخضع يسب التحمل للعملاء الذين يبلغ إجمالي دخلهم الشهري ۱۵,۰۰۰ ريال فأقل للقيود الآتية:
أ- ألا تتجاوز الالتزامات الائتمانية الشهرية المترتبة على التمويل والمرتبطة فقط بالاستقطاع الشهري من إجمالي الراتب للعميل ما نسبته ۳۳,۳۳% وللعملاء المتقاعدين ٢٥% من إجمالي الراتب.
ب- ألا تتجاوز الالتزامات الائتمانية الشهرية خلاف الالتزامات الائتمانية الشهرية المترتبة على التمويل العقاري ما نسبته ٤٥% من إجمالي الدخل الشهري للعميل.
ج- ألا تتجاوز الالتزامات الائتمانية الشهرية المترتبة على التمويل ما نسبته 55% من إجمالي الدخل الشهري للعميل، إلا أنه فيما يخص العملاء المستفيدين من وزارة الإسكان أو صندوق التنمية العقارية وذلك لمنتجات التمويل العقاري فيجب ألا تتجاوز الالتزامات الائتمانية الشهرية المترتبة على التمويل ما نسبته 65%من إجمالي الدخل للعميل.
وكذلك تخضع نسب التحمل للعملاء الذين يتجاوز إجمالي دخلهم الشهري ۱۵,۰۰۰ وأقل من ٢٥,٠٠٠ ريال للقيود الآتية:
أ- ألا تتجاوز الالتزامات الائتمانية الشهرية المترتبة على التمويل والمرتبطة فقط بالاستقطاع الشهري من إجمالي الراتب للعميل ما نسبته ۳۳,۳۳% وللعملاء المتقاعدين ٢٥% من إجمالي الراتب.
ب- ألا تتجاوز الالتزامات الائتمانية الشهرية خلاف الالتزامات الائتمانية الشهرية المترتبة على التمويل العقاري ما نسبته ٤٥% من إجمالي الدخل الشهري للعميل.
ج- ألا تتجاوز الالتزامات الائتمانية الشهرية المترتبة على التمويل ما نسبته ٦٥% من إجمالي الدخل الشهري للعميل.
وأيضاً تخضع نسب التحمّل للعملاء الذين يبلغ إجمالي دخلهم الشهري ٢٥,۰۰۰ ريال فأكثر للقيود الآتية:
أ- ألا تتجاوز الالتزامات الائتمانية الشهرية المترتبة على التمويل والمرتبطة فقط بالاستقطاع الشهري من إجمالي الراتب للعميل ما نسبته ۳۳,۳۳% وللعملاء المتقاعدين ٢٥% من إجمالي الراتب.
ب- تخضع الالتزامات الائتمانية المترتبة على التمويل لسياسات الممول الائتمانية وعلى الممول مراعاة أن يخضع جميع عملائه لتقييم إمكانية تحمل الالتزامات الائتمانية الشهرية الواردة في هذه المبادئ
وتجدر الإشارة إلى أنه يجب ألا تتجاوز مدة التمويل خمس سنوات أو ستين شهراً من تاريخ منح التمويل، ويستثنى من ذلك التمويل العقاري والبطاقات الائتمانية، وللبنك المركزي السعودي مراجعة نسب التحمل السابق بيانها بصفة دورية وتعديلها أخذاً في الاعتبار سلامة النظام المالي واستقراره وتوقعات النمو الاقتصادي.