بالرغم من أن المملكة العربية السعودية تمتلك الكثير من الموارد الطبيعية والموقع الإستراتيجى الهام والكوادر المهنية المتفوقة التي تجعلها متنوعة في المجالات الإستثمارية، إلا أنها تفكر وتصمم وتنجح في طرح أساليب إستثمارية جديدة كل يوم تكون بمثابة فرص جوهرية، حيث تحمل تلك الأساليب ملامح الربحية التي دائماً يبحث عنها المستثمرين، ومن تلك الأساليب والأدوات الإستثمارية التي تبدع فيها المملكة العربية السعودية، هي صناديق الإستثمار، حيث أن تلك الصناديق الإستثمارية تضع جملة من الأهداف التي تلبي متطلبات المستثمرين، كما أنه تتنوع أيضاً أشكال صناديق الإستثمار في المملكة العربية السعودية، ويؤدي هذا التنوع في الأشكال إلى تنوع في أهداف صناديق الإستثمار، حيث يتم إتباع سياسة وإستراتيجية إستثمارية معينة ترمي إلى تحقيق هذه الأهداف، ولكن يمكن تصنيف أهداف الصناديق الإستثمارية في السعودية بشكل عام، بحيث يكون منها الإستثمار للمحافظة على رأس المال، أو الإستثمار لتحقيق دخل، أو الإستثمار لتحقيق دخل ونمو، أو الإستثمار لتحقيق النمو، أو الإستثمار لتحقيق النمو العالي، كما يمكننا أن نضيف أيضأ ان المملكة العربية السعودية مثلما تهتم بصندوق الإستثمارات العامة كونه المحرك الفعال خلف تنوع الإقتصاد في المملكة، والذي يحظى ببرنامج خاص ضمن رؤية المملكة لسنة 2030م، تهتم أيضاً بالصناديق الإستثمارية الخاصة التي تؤسس على أرضها، ولعل من ضمن تلك الصناديق الإستثمارية التي سيتم مناقشة كافة التفاصيل الخاصة بها في هذه المقال هو صندوق إستثمار التمويل المباشر في السعودية.
صناديق الإستثمار عبارة أوعية إستثمارية تقوم بجمع رؤوس أموال مجموعة من المستثمرين وتديرها وفقاً لإستراتيجية وأهداف إستثمارية محددة يضعها مدير الصندوق لتحقيق مزايا إستثمارية لا يمكن للمستثمر الفرد تحقيقها بشكل منفرد في ظل محدودية موارده المتاحة، وتتميز إستثمارات الصناديق بتجنب القيود التي تقع عادة على إستثمارات الأفراد، فيتحقق لها المزيد من القدرة على التنويع، وإنخفاض في تكاليف بيع وشراء الأسهم، وتتكون أرباح الصناديق الإستثمارية عادة من الأرباح الرأسمالية، أي الأرباح الناتجة عن تحسن أو تغير أسعار الأوراق المالية المستثمر بها إضافة إلى أرباح التوزيعات إن وجدت للأوراق المالية، فصناديق الإستثمار بعبارة أخرى أداة إستثمارية تدار من قبل أشخاص متخصصين في السوق المالي، وتساهم في زيادة رؤوس الأموال عن طريق بيع الأسهم التي يطلق عليها مسمى وحدات ضمن مجموعة من الأوراق المالية.
أما بالنسبة لصندوق التمويل المباشر فإنه عبارة عن صندوق إستثمار يؤسس لغرض مزاولة نشاط التمويل المباشر للأشخاص ذوي الصفة الإعتبارية (الشركات) وصناديق الإستثمار، ويتكون حجم الصندوق من إجمالي قيمة أصول الصندوق مضاف إليه أي رأس مال متعهد بدفعه من قبل ملاك الوحدات.
أوجبت المادة الرابعة من لائحة التعليمات الخاصة بصناديق إستثمار التمويل المباشر الصادرة عن هيئة السوق المالية السعودية، إستيفاء بعض الشروط للتمكن من طرح وحدات صندوق التمويل المباشر وتأسيسه، حيث يجب أن تطرح تلك الوحدات بطرح خاص بعد القيام بإشعار هيئة السوق المالية كتابياً قبل خمسة عشرة يوماً على الأقل من تاريخ الطرح المقترح، ويجب أن يتم تقديم إقرار للهيئة بصحة المعلومات الموضحة في إشعار الطرح، بالإضافة لتقديم نسخة من شروط وأحكام الصندوق تتضمن إسم الصندوق وبيان فئته ونوعه، وإسم مدير الصندوق، وإسم مشغل الصندوق، وإسم أمين الصندوق، وإسم المطور حال وجد، وبيان بعدم توزيع المستند في المملكة إلا على الأشخاص المحددين في لائحة صناديق الإستثمار الصادرة عن هيئة السوق المالية، كما أنه في حال كان الصندوق متوافق مع المعايير الشرعية المجازة من قبل لجنة الرقابة الشرعية، يجب إضافة بيان أنه تم إعتماد " إسم الصندوق " على أنه صندوق إستثمار متوافق مع المعايير الشرعية المجازة من قبل لجنة الرقابة الشرعية المعينة لصندوق الإستثمار.
كما تقدم تفاصيل الهيكل التنظيمي لمدير الصندوق، ويقدم برنامج مراقبة المطابقة والإلتزام لصندوق الإستثمار ذي العلاقة، وسداد المقابل المالي للتسجيل وفق ما تحدده هيئة السوق المالية، وتقديم أي معلومات أخرى تطلبها الهيئة.
وكذلك يشترط أن يكون الصندوق من النوع المغلق، وأن يتخذ شكل منشأة ذات الأغراض الخاصة التي تؤسس ويرخص لها من هيئة السوق المالية بموجب القواعد المنظمة للمنشآت ذات الأغراض الخاصة لإصدار أدوات دين أو وحدات إستثمارية، وتتمتع بالذمة المالية والشخصية الإعتبارية المستقلة، وأيضاً يشترط أن لا يقل الحد الأدنى لإجمالي حجم الصندوق وقت التأسيس عن خمسين مليون ريال سعودي.
كل هذا بالإضافة إلى تقديم مدير الصندوق دراسة جدوى للهيئة مفصلة تتضمن القطاعات المستهدفة وتفاصيلها، كما يجب أن تتضمن شروط وأحكام الصندوق آلية إتخاذ القرار الإستثماري، وأي علاقات قد تؤدي إلى نشوء حالات تعارض مصالح عند مزاولة نشاط الصندوق، وبيان بأن إستثمار الصندوق سيكون في عمليات منح التمويل، وأن مخاطر الإستثمار في الصندوق قد تمتد إلى فقدان قيمة أصوله.
يلتزم صندوق التمويل المباشر بموجب المادة الخامسة من لائحة التعليمات الخاصة بصناديق إستثمار التمويل المباشر الصادرة عن هيئة السوق المالية السعودية، بعدم مزاولة نشاط التمويل المباشر للأفراد، كما إنه لا يجوز أن تتجاوز مدة التمويل الممنوح من خلال صندوق التمويل المباشر المدة المتبقية من عمر الصندوق، ويشمل ذلك أي عمليات إعادة جدولة أو تمديد للتمويل، ولا يجوز أيضاً أن يتجاوز إجمالي إقتراض صندوق التمويل المباشر ما نسبته 50% من إجمالي حجم الصندوق، بالإضافة لعدم تجاوز مجموع التمويل الذي يقدم من خلال صندوق التمويل المباشر عن إجمالي حجمه، وكذلك لا يجوز أن يتحمل صندوق التمويل المباشر تعرضاً لمستفيد واحد أو أكثر ينتمي لنفس المجموعة بنسبة 25% أو أكثر من إجمالي حجم الصندوق.
يجب على مدير الصندوق وفق المادة الخامسة من لائحة التعليمات الخاصة بصناديق إستثمار التمويل المباشر الصادرة عن هيئة السوق المالية السعودية، عند بيع عقد تمويل لمستفيد داخل المملكة على شخص داخل المملكة أن يتضمن عقد البيع حق الرجوع الكلى بحيث يكون لمشترى عقد التمويل داخل المملكة حق الرجوع على الصندوق للمطالبة بالسداد وفق الترتيبات التي يوضحها العقد، كما لا يجوز لمدير الصندوق أيضاً بيع عقود التمويل خارج المملكة على المؤسسات المالية المرخص لها من البنك المركزي السعودي.
كما يلتزم مدير الصندوق أيضاً بموجب المادة السادسة من ذات اللائحة بأن تتضمن السياسات والإجراءات التي يضعها على الجوانب المتعلقة بمنح الإئتمان وأحكام وإجراءات التحصيل، هذا بجانب إلتزام مجلس إدارة الصندوق التأكد من إكتمال تلك السياسات والإجراءات ودقتها.
ويلتزم مدير صندوق التمويل المباشر أيضاً بحفظ جميع وثائق المستفيد وسجلاته وملفاته بطريقة منظمة وأمنة، والتحقق من إكتمالها وتحديثها بصفة دورية لمدة عشر سنوات على الأقل من تاريخ إنتهاء العلاقة، كما يجب عليه وضع إجراءات واضحة لتلقي شكاوى المستفيدين وتوثيقها ودراستها والرد عليها، وكذلك إتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة والفورية حيال تلك الشكاوى، شريطة قيد الشكاوى في سجلات خاصة بها تشمل كافة المعلومات الضرورية المتعلقة بالشكوى وما يتخذ بشأنها من إجراءات.
هذا بالإضافة لإلتزام مدير صندوق التمويل المباشر بالمحافظة على سرية بيانات المستفيدين وعملياتهم، وعدم الإفصاح عنها أو كشفها لأطراف أخرى حتى بعد إنتهاء علاقته بالصندوق، إلا وفق ما تقضي به الأنظمة والتعليمات ذات العلاقة، وكذلك يجب عليه الإفصاح لمجلس إدارة الصندوق عن أي تعارض قد ينشأ بين مصالحه ومصالح صندوق التمويل المباشر الذي يديره بسبب تعامله مع أحد المستفيدين أو مع أي طرف ذي علاقة، وأن يحصل على موافقته أو مصادقته على التعارض، وأيضاً يجب الإفصاح لملاك الوحدات عن التعارض.
وتجدر الإشارة إلى أن مدير الصندوق يجب عليه أن يضمن في عقود التمويل التي يبرمها مع المستفيدين آلية للنظر في المنازعات التي قد تنشأ عنها، كإضافة شرط التحكيم في تلك العقود، بجانب بيان تلك الآلية في شروط وأحكام الصندوق، هذا بالإضافة لإلتزام مدير الصندوق بإحتساب مخصصات الخسائر والمخاطر المحتملة للصندوق وفق المعيار الدولي للتقارير المالية.
كما يجب أن ننوه بأن على مدير الصندوق وفق المادة التاسعة من لائحة التعليمات الخاصة بصناديق إستثمار التمويل المباشر الصادرة عن هيئة السوق المالية السعودية أن يضمن في تقريره السنوي الملزم بإعداده بموجب المادة الثالثة والتسعين من لائحة صناديق الإستثمار، نسبة إقراض صندوق التمويل المباشر من القيمة الإجمالية لأصوله، وسعر الوحدة المزدوج للصندوق، ونسبة تعثر المستفيدين 90 يوماً فأكثر و180 يوماً فأكثر من مجموع التمويل المقدم من خلال صندوق التمويل المباشر، وكذلك النسبة الفعلية للقروض المدعومة بأصول من مجموع التمويل المقدم من خلال صندوق التمويل المباشر.
بينت المادة السابعة من لائحة التعليمات الخاصة بصناديق إستثمار التمويل المباشر الصادرة عن هيئة السوق المالية السعودية، أنه يجب على مدير صندوق التمويل المباشر فحص السجل الإئتماني للمستفيد بعد موافقته للتحقق من ملائمته المالية وقدرته على الوفاء وسلوكه الإئتماني وتوثيق ذلك في ملف التمويل، كما يجب على مدير الصندوق أيضاً تسجيل المعلومات الإئتمانية للمستفيد بعد موافقته لدى شركة أو أكثر من الشركات المرخص لها في جمع المعلومات الإئتمانية، وتحديث تلك المعلومات طوال مدة التعامل مع المستفيد.
والجدير بالذكر أنه يتوجب على مدير صندوق التمويل المباشر الإمتناع عن منح التمويل في حال عدم تمكنه من فحص السجل الإئتماني للمستفيد أو تسجيل المعلومات الإئتمانية للمستفيد.
كما يجب على مدير صندوق إستثمار التمويل المباشر إتباع معايير وإجراءات واضحة وشفافة ومكتوبة لتقييم الجدارة الإئتمانية للمستفيد وقدرته على السداد وتحديثها عند الحاجة، ويجب إعتماد هذه المعايير والإجراءات وأي تحديث عليها من قبل مجلس إدارة الصندوق، ويكون مدير الصندوق ملتزم بتطبيق هذه الإجراءات قبل منح التمويل وتوثيق ذلك في ملف التمويل، كما يجوز لمدير الصندوق التعاقد مع شركات التمويل المرخص لها من البنك المركزي السعودي لإسناد الأعمال، وذلك بمراعاة ما نصت عليه المادة التاسعة والخمسون من لائحة مؤسسات السوق المالية.
وفقاً للمادة الرابعة والثمانون من لائحة صناديق الإستثمار يشرف على صندوق إستثمار التمويل المباشر مجلس إدارة معين من قبل مدير الصندوق، وتشمل مسؤوليات أعضاء مجلس إدارة الصندوق وفقاً للمادة الخامسة والثمانون من لائحة صناديق الإستثمار الموافقة على جميع العقود والقرارات والتقارير الجوهرية التي يكون الصندوق طرفاً فيها، وإتخاذ قرار في شأن أي تعامل ينطوي على تعارض في المصالح يفصح عنه مدير الصندوق، والتأكد من قيام مدير الصندوق بمسؤولياته بما يحقق مصلحة مالكي الوحدات، والعمل بأمانة وحسن نية وإهتمام ومهارة وعناية وحرص لمصلحة الصندوق ومالكي الوحدات، وتشمل واجبات الأمانة واجب الإخلاص والإهتمام وبذل الحرص المعقول.