لا أحد ينكر المجهودات والتطويرات التي تقوم بها وتبذلها المملكة العربية السعودية في جميع القطاعات والمجالات، والتي تهدف في أخر المطاف إلى أن تصبح المملكة العربية السعودية وفق رؤيتها لعام 2030م، أكبر وأقوى الدول في المركز الاقتصادي العربي والعالمي، حيث تعمل المملكة جاهدة لتحقيق الازدهار الاقتصادي الذي بات وشيك حدوثه، ولعل من أكثر المجالات التي تهتم بها السعودية لتعزيز ودعم اقتصادها هي مجالات الاستثمار، حيث شرعت السعودية على مدار تلك الأعوام الماضية حتى يومنا هذا في سن وإصدار التشريعات والأنظمة التي تجعلها محط أنظار المستثمرين على الصعيدين المحلي والأجنبي، والتي تعمل على مواكبة التغيرات التي تطرأ على كافة مجالات الاستثمار، ولعل الجدير بالذكر بخصوص مجالات الاستثمار في المملكة العربية السعودية هو أحدث الأساليب الاستثمارية المعمول بها في المملكة، والتي تسمى بالاستثمار الجريء، والذي يعد شكل من أشكال التمويل المالي في المملكة، وتأمين الخبرات العملية لرواد الأعمال الناشئين والشركات الناشئة، حيث تسعي الشركات الناشئة في المملكة العربية السعودية للحصول على الاستثمار الجريء لتحقيق معدلات نمو أعلى لها، كما أن الاستثمار الجريء في السعودية يعرف أيضاً بالاستثمار المغامر أو برأس المال المخاطر، وذلك لكونه أحد أنواع الاستثمارات عالية المخاطر في المملكة، وعلى أثر أهمية الاستثمار الجريء في السعودية، سوف نقوم في هذا المقال بتسليط الضوء على القيمة الإقتصادية للاستثمار الجريء في المملكة العربية السعودية.
الاستثمار الجريء أو الاستثمار في الشركات الناشئة في المملكة العربية السعودية يمكن أن تصل نسبة العائد منه 100% و700%، هذا ومن ناحية أخرى تتراوح نسبة العائد على الاستثمار في الاستثمار التقليدي بين 15% و20%.
كما أن المستثمر الجريء في السعودية يقوم على تنويع محفظته الاستثمارية لكي يقلل من المخاطر، وذلك نظراً إلى أن نسبة الشركات الناشئة التي يمكن أن تحقق عوائد على الاستثمار ضمن المحفظة تصل إلى 25%.
وللإجابة على هذا التساؤل الرائع يجب علينا أولاً أن نؤكد على أن جميع دول العالم في وقتنا الحالي تهتم بالاستثمار الجريء بشكل كبير جداً، وذلك لتأثيره الإيجابي على الاقتصاد والمجتمع، ولا ننسى أن أكبر شركات العالم الحالية من الناحية السوقية وصلت لذلك بفضل مساعدة شركات الاستثمار الجريء.
حيث أن مصير الشركة أياً كانت ما تقدمه يتغير بشكل كلي حين تدخل شركات الاستثمارات الجريء عليها وتقرر خوض مغامرة جديدة معها، بحيث ستستفيد من خبرات تلك الشركات وشبكة المعارف والعلاقات ما سيعزز نموها، وشركات الاستثمار الجريء وصناديق الاستثمار الجريء تقدم رأس المال الذي تحتاجه الشركة الناشئة كي يتسنى لها الانتقال إلى المرحلة التالية من نموها وتطورها، دون الحاجة إلى الاستدانة من المصارف وتحمل أعباء قروضها.
أما في المملكة العربية السعودية فقد أعطت رؤية 2030م للاستثمار أهمية كبيرة لدوره في تنويع الاقتصاد السعودي، فالمملكة العربية السعودية شهدت نمواً كبيراً في الاستثمار الجريء بعدما عملت على تعزيز منظومته، حيث بات يضم نحو 67 شركة للاستثمار الجريء، بجانب مشاهدة عدد من الصفقات قياسية ونمو هائل، بعد تنفيذ برامج رؤية 2030، وبالإضافة إلى ذلك يعد الاستثمار الجريء في السعودية أحد محركات توليد الوظائف.
يعد هذا التساؤل من أهم التساؤلات التي تثار حول الاستثمار الجريء في المملكة العربية السعودية وللرد عليه بوضع إجابة صحيحة ومجدية، يجب علينا أولاً الإجابة على بعض الأسئلة والتي منها ما هي الأصول الاستثمارية المختلفة في السعودية؟ ولماذا يجب تنويع الأصول؟
إن المستثمرون عادة يحرصون على تنويع الأصول الاستثمارية المصممة لتوليد وجني الأرباح، التي تشمل السندات المالية، والأوراق المالية، والأسهم، والضمانات، والعملات، كما أن الخبراء الماليين يقسمون الأصول الاستثمارية إلى مجموعة فئات، من أبرز وأهم تلك الفئات السندات والأسهم، والأموال النقدية، والعقارات أو السلع.
والجدير بالذكر أن الجمع والتنويع بين فئات الأصول الاستثمارية المختلفة، يخفف بطبيعة الحال تعرض المستثمر للمخاطر المالية ليمنع بالتالي تكبد خسائر كبرى، وليزيد من احتمال تحقيق الأرباح والعوائد، والمستثمرون يدرسون فئات الأصول الاستثمارية جيداً، وذلك لمعرفة كيفية توزيعها لتخفيف المخاطر والخسائر المالية ولتحقيق عوائد وأرباح مالية أعلى من أسواق الاستثمارات التقليدية كالأسهم والسندات، ولهذا السبب يلجأ المستثمرون إلى تنويع محفظتهم الاستثمارية بالنظر إلى السوق والأوضاع والتوجيهات الاقتصادية المحلية والعالمية.
والأن ننتقل إلى نقطة اخرى هامة، وهي ما دور المحفظة الاستثمارية في تقليل مخاطر الاستثمار الجريء، فالشركات الناشئة ذات العوائد العالية والإمكانات الكبيرة يصاحبها عادة لنموها مستوى مخاطر مرتفع، ولذلك تقوم محافظ الاستثمار الجريء بتنويع استثماراتها في الشركات الناشئة من أجل التقليل من المخاطر، وتحديد الاستثمارات ذات العوائد المرتفعة والمتوقعة في المستقبل، يشبه ذلك تنويع الاستثمارات في الاستثمار التقليدي، مثل شراء أسهم في شركات الطاقة وكذلك في شركات تصنيع المواد الغذائية، أو شراء أسهم في شركات محلية وأخرى عالمية.
وبما أن الشركات الناشئة في المراحل المبكرة تنطوي على مخاطر أكبر، يساهم تنويع المحفظة الاسـتثمارية في تقليل المخاطر على المحفظة بحيث يمكن للعوائد الكبيرة المتوقعة من الشركات التي تنجح أن تعوض جميع الخسائر مـن الشركات الأخرى بالإضافة إلى تحقيق عوائد بين 100% و700% وأكثر مـن ذلك بكثير لبعض الشركات وبالتالي، يضاعـف المسـتثمرون الجريئون عـدد الشركات الناشئة التي يستثمرون فيها ضمن المحفظة الاستثمارية، مـن أجـل تعزيز فرص وصول إحدى هذه الشركات إلى مراحل متقدمة.
والأن نوضح عائد الاستثمار الجريء كإحدى فئات الأصول، يُصنف الاستثمار الجريء بين أكثر فئات الأصول مخاطرة، لا سيما وأن بعض الاسـتثمارات في المحفظة الاستثمارية يمكن أن لا تحقق أية عوائد لدى ضخ المال في الشركة الناشئة عبر صندوق الاستثمار الجريء، ويحصل المستثمر الجريء علـى حصة في الشركة يمكن للمستثمرين بيع الأسهم لاحقاً مـن أجل تسـييلها عـن طريق صفقات التخارج، مثل الاستحواذ أو الاكتتاب العام، على عكس فئات الأصول الأخرى، مثل العقارات والأسهم وسواها، تكمن قيمة الاستثمار الجريء في أن عائداته المستقبلية قد تكون كبيرة مقارنة بالمخاطر الموجودة حاضراً، ولذلك يتطلب الاستثمار الجريء بعضاً من الصبر والترقب قبل تحقيق عائدات من هذه الأصول التي تعتبر أصولاً مستقبلية.
يلجأ المستثمرون في السعودية إلى صناديق الاستثمار الجريء، حيث يديرها مدراء يمتلكون الخبرة المتخصصة لتأسيس الصندوق، ووضع استراتيجيته، وإجراء البحوث حول السوق والمنافسة فيه، وأيضاً لمواكبة التغيرات في الأنظمة والتوجيهات، وتقييم الشركات الناشئة، والاستثمار فيها ومتابعة الاستثمارات وإعداد التقارير للشركاء المحدودين والعامين، وكل هذا يعد نتيجة لما ذكرناه سابقاً حول اتسام الاستثمار الجريء بارتفاع المخاطر مقابل إمكانية تحقيق عوائد كبيرة، بحيث ضمن المحفظة الاستثمارية الواحدة يمكن أن يحقق 5 إلى 10% منها عوائد كبيرة، في حين يمكن أن يعيد 30% إلى 40% منها رأس مال، وبالتالي يمكن للشركات في المحفظة أن يفشل 50% منها.
الخبرة التي يمتلكها المستثمر الجريء تعتبر أبرز ما يمكن أن يقدمه للشركات الناشئة ضمن محفظته، فالكثير من المستثمرين كانوا رواد أعمال ومروا بالتحديات التي تمر بها الشركات الناشئة، ولذلك سيكون وجودهم أساسي لمساعدة الشركات الناشئة على تخطي العقبات.
فشبكة العلاقات التي يمتلكها المستثمر الجريء ستساعد الشركات الناشئة من عدة نواحي، بحيث يمكن للمستثمر أن يساعد الشركة الناشئة في العثور على موظفين أكفاء، أو على شركاء يساعدون الشركة في نموها وقد يكونون من ضمن المحفظة الاستثمارية، كما يمكن للمستثمر أن يتيح للشركات حضور فعاليات وأحداث مهمة، سواء كانت محلية أو عالمية، وكذلك سيساعد المستثمر شركاته الناشئة في صفقات التخارج، وذلك عن طريق تقديم النصح والإرشاد والخبرات اللازمة والمساعدة في إتمام الصفقات بسهولة.
كما يمكن للمستثمر أن يقوم بربط الشركات الناشئة مع مستثمرين آخرين يمكنهم ضخ المزيد من التمويل في هذه الشركات أو حتى تمويل أي من الجولات اللاحقة لها.
يحصل صندوق الاستثمار الجريء على أمواله من الشركاء العامين الذين يتولون إدارة العمليات اليومية لصندوق الاستثمار، كما يقوموا باتخاذ القرارات الاستثمارية ويتحملون مسؤوليتها، وكذلك من الشركاء المحدودين وهم بالعادة مستثمرين مؤسساتيين مثل صناديق الثورة السيادية، وصناديق التقاعد، وصناديق الأوقاف، والمكاتب العائلية، بالإضافة إلى رجال الأعمال وأصحاب الثروات، والجدير بالذكر أنه لا يتحمل الشركاء المحدودون أي مسؤولية عن ديون الصندوق بل تقتصر مسؤوليتهم على المبالغ التي يستثمرونها فقط، أما الشركاء العامون فيتحملون المسؤولية كاملة لاسيما وأنهم يشاركون تفصيلياً في عملية اتخاذ القرار وفي إدارة عمليات الصندوق.
ما الذي يبحث عنه المستثمرون الجريئون في الشركات الناشئة في السعودية؟
يبحث دائماً المستثمرون الجريئون أو أصحاب رأس المال الاستثماري عن قوة نمو جيدة وعن فكرة عمل مبتكرة ومفيدة يستحق الاستثمار فيها، كما يبحثون أيضاً عن إيرادات سنوية أو شهرية، كما يوجد بعض من أصحاب الاستثمارات الجريئة يكونوا صارمون في استثماراتهم ولديهم معايير استثمار شديدة وواضحة.
1 - القطاع
حيث يجب تحديد القطاع الذي يريد التركيز عليه، سواء كان في قطاع الرعاية الصحية أو النقل والتنقل، أو التكنولوجيا المالية، كما أنه في بعض الأوقات قد يختار الصندوق ضخ الأموال في شركات من قطاعات مختلفة، ولكنها تركز على أمور مثل فريق العمل أو نوع العملاء المستهدفين.
2 - الموقع الجغرافي
المستثمرون الجريئين يفضلون الاستثمار بشركات ناشئة تكون قريبة من أماكن وجودهم لكي يستطيعوا تقديم الدعم والمساعدة لها وقت الحاجة، وكذلك لتجنب الكثير من السفر، وحتى الأن المنطقة التي يستهدفونها تمتلك إمكانيات كبيرة للنمو.
3 - المرحلة التي تمر بها الشركات الناشئة
حيث يمكن أن يتخصص صندوق الاستثمار الجريء بإحدى مراحل الشركات الناشئة، مثل المرحلة الأولى، أو كما تعرف بمرحلة التأسيس، أو مراحل النمو حيث يوفرون فيها تميل أكبر للجولات اللاحقة.
4 - حجم الاستمارات
قد يخصص صندوق الاستثمار الجريء مبالغ محددة للاستثمار في الشركات ضمن محفظته، سواء على أساس سنوي أو فصلي أو وفق للمبالغ المرصودة، ويقسم المبلغ على الرسوم التشغيلية والإدارية، بالإضافة إلى الضرائب والتكاليف القانونية، وصولاً إلى حجم الاستثمارات في الشركة الناشئة.