تهتم المملكة العربية السعودية برفع جودة السلع والخدمات في المملكة وترشيد الإنفاق العام وزيادة إيرادات الدولة، وتحسين القيمة مقابل المال للخزينة العامة للدولة، ولهذا أصدرت المملكة نظام المنافسات والمشتريات الحكومية ولائحته التنفيذية، والذي تضمن العديد من أساليب التعاقد التي تجريها الحكومة للحصول على أعمالها ومشترياتها بأفضل جودة وسعر، ومن أساليب التعاقد التي تختارها الحكومة للحصول على مشترياتها، أسلوب الإتفاقيات الإطارية، وأسلوب المنافسة على مرحلتين، وأسلوب المزايدة العكسية الإلكترونية، وأسلوب التعاقد بتوطين الصناعة ونقل المعرفة، وأسلوب المسابقة، والجدير بالإشارة هو استحداث المملكة العربية السعودية لأسلوب تعاقد جديد يعرف باسم المشاركة في الدخل الصادرة قواعده بموجب قرار وزير المالية رقم 1877 بتاريخ 24/12/1443هـ، وكذلك الموافقة على نموذجي عقد المشاركة في الدخل وكراسة الشروط والمواصفات الصادرة بموجب قرار وزير المالية رقم 835 بتاريخ 2/7/1444هـ، ومن هذا المنطلق سوف نلقي الضوء في هذا المقال على تعريف أسلوب التعاقد بالمشاركة في الدخل في السعودية، مع بيان أهدافه وبيانات عقده، وكذلك الإشارة بالأخص لمسؤولية الشريك الخاص في عقد المشاركة في الدخل، بالإضافة لتوضيح حالات إنهاء الحكومة لعقد المشاركة في الدخل.
إن أسلوب التعاقد الحكومي بنظام المشاركة في الدخل المستحدث في المملكة، وفق المادة الأولى من القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل، عبارة عن نمط من أنماط التعاقد بين جهة حكومية وشريك خاص يكون شخص يتمتع بالشخصية الاعتبارية الخاصة (منشآة)، يتم التعاقد معه لتأمين السلع والخدمات لتوفير الخدمات العامة للمستفيدين كأي شخص طبيعي (فرد) أو اعتباري (منشآة) يقدم مقابلاً مالياً نظير الاستفادة من الخدمات العامة التي يقدمها الشريك الخاص بموجب العقد، بناءً على تقسيم وتوزيع الدخل بين أطراف العقد، ويتحمل الشريك الخاص بموجبه مخاطر ومسؤوليات إدارية طوال مدة عقد المشاركة في الدخل لتأمين السلع والخدمات المبرم وفق القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل.
قد يهمك قراءة: أنواع عقود تنفيذ أعمال ومشاريع الجهات الحكومية
أفادت المادة الثانية من القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل في المملكة، أنه يهدف تأمين السلع والخدمات وفق أسلوب المشاركة في الدخل إلى ما يأتي:
1- رفع جودة السلع والخدمات، وترشيد الإنفاق العام، وزيادة إيرادات الدولة، وتحسين القيمة مقابل المال للخزينة العامة للدولة من خلال السماح للجهات الحكومية بتأمين مشترياتها من السلع والخدمات من الشريك الخاص وفق أسلوب المشاركة في الدخل.
2- تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار، والاستفادة من طاقاته وخبراته المالية والإدارية والتنظيمية والفنية والتقنية، بما يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة والحصول على أفضل السلع والخدمات بأقل التكاليف.
بينت المادة الثالثة من القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل في المملكة، أن تلك القواعد تطبق على جميع الجهات الحكومية التي ترغب في التعاقد لتأمين السلع والخدمات وفق أسلوب المشاركة في الدخل، ولا يجوز لأي جهة حكومية إبرام العقد إلا وفقاً لأحكام تلك القواعد، ويقع باطلاً كل عقد تم إبرامه بالمخالفة لذلك، كما إنه لا تسري تلك القواعد على مشاريع وعقود التخصيص.
كما أكدت المادة الرابعة من القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل في السعودية، على تعامل الجهات الحكومية عند تأمين السلع والخدمات وفق أسلوب المشاركة في الدخل مع شريك خاص مرخص له بتأمين السلع والخدمات محل العقد وفقاً للأنظمة واللوائح السارية، حيث يخضع تأمين المشتريات من السلع والخدمات من الشريك الخاص وفق أسلوب المشاركة في الدخل لمبادئ العلانية والشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص.
هذا بالإضافة لما أوضحته المادة الخامسة من ذات القواعد، بأنه للجهة الحكومية وفقاً لأحكام تلك القواعد، التعاقد لتأمين السلع والخدمات وفق أسلوب المشاركة سواءً بشكل كلي أو جزئي في الدخل مع الشريك الخاص، وذلك وفقاً للحدود والمعايير الآتية:-
- ألا تتجاوز مدة العقد خمس سنوات، وتجوز زيادتها في العقود التي تتطلب طبيعتها ذلك؛ بعد موافقة وزارة المالية.
- أن تتضمن عملية التعاقد لتأمين السلع والخدمات أياً مما يأتي:
أ- منح حق انتفاع أو تأجيراً أو ترخيصاً لأصول حكومية إلى الشريك الخاص بغرض تمكينه من توفير السلع والخدمات التي يتم تأمينها للجهة الحكومية، وذلك وفقاً للأحكام النظامية ذات العلاقة.
ب- منح الشريك الخاص بعض الحقوق المعنوية الخاصة بالدولة والمرتبطة بتقديم الخدمات العامة وفقاً للأحكام النظامية ذات العلاقة.
3- ألا يكون مصدر الدخل الناتج عن العقد مدفوعاً من الدولة بشكل رئيس.
4- ألا يتضمن العقد تقديم الدولة للشريك الخاص أي شكل من أشكال الضمان أو الدعم الائتماني المرتبط بمستوى معين لتأمين السلع والخدمات، عدا ضمانات الحد الأدنى من الاستخدام المتعلقة فقط باستخدام الجهة الحكومية إن وجدت.
أوضحت المادة الخامسة عشرة من القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل، أنه يجب أن يتضمن عقد المشاركة في الدخل في السعودية بحد أدنى على ما يأتي:-
1- طبيعة ونطاق السلع والخدمات التي يجب على الشريك الخاص تأمينها وشروط تأمينها.
2- مسؤولية الحصول على التراخيص والتصاريح والموافقات اللازمة لتنفيذ العقد.
3- تحديد سعر بيع السلع أو مقابل أداء الخدمة التي يقوم عليها العقد، وأسس وقواعد التحديد، وأسس وقواعد تعديل السعر بالزيادة أو النقصان، وكيفية معالجة معدلات التضخم، إن كان لذلك مقتضى.
4- معادلة المشاركة في الدخل والنسب المتفق عليها بين أطراف العقد، وآلية تحصيل الإيرادات الناتجة عنه وفقاً لأحكام نظام إيرادات الدولة.
5- معايير ومؤشرات الأداء ووسائل ضمان الجودة، وأدوات الرقابة والإشراف والمتابعة المالية والإدارية والفنية لتنفيذ العقد.
6- تنظيم حق الجهة الحكومية في تعديل شروط وأحكام العقد، وتحديد أسس وآليات التعويض عن هذا التعديل.
7- أنواع ومبالغ التأمين المطلوب، ومخاطر التنفيذ، وضمانات التنفيذ الصادرة لصالح الجهة الحكومية، وأحكام وإجراءات استردادها.
8- تحديد أسس توزيع المخاطر بين أطراف العقد، مثل المخاطر المرتبطة بتعديل الأنظمة واللوائح السارية وما في حكمها، أو المخاطر المرتبطة بالقوة القاهرة، والتعويضات المقررة بحسب الأحوال.
9- تحديد مدة العقد، وحالات الإنهاء المبكر أو الجزئي، وحقوق الأطراف المرتبطة بذلك، والحالات التي يحق فيها للجهة الحكومية إنهاء العقد بالإرادة المنفردة، والالتزامات المالية المترتبة على استخدام هذا الحق.
10- تحديد ملكية الأصول وحقوق الملكية الفكرية الناتجة عن العقد وطبيعتها، وتحديد التزامات الأطراف المتعلقة بذلك بعد إنهاء أو انتهاء العقد.
11- أحكام نقل المعرفة، وتدريب موظفي الجهة الحكومية أو من يخلف الشريك الخاص في تنفيذ العقد.
إن إلتزامات ومسؤوليات الشريك الخاص في عقد المشاركة في الدخل في السعودية، تكون وفق القسم الثالث من نموذج عقد المشاركة في الدخل الصادر عن هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، كالآتي بيانه:
1- تأمين (الخدمات / السلع) للمستفيدين حسب المواصفات والجدول الزمني ومعايير اتفاقية مستوى الخدمة المعتمدة لتنظيم الأعمال الخاص بالعقد، والمعايير ومؤشرات الأداء لضمان جودة الأعمال، في الموقع المتفق عليه في العقد.
2- بذل العناية اللازمة لتأمين الخدمات / السلع المكلف بها في هذا العقد.
3- الالتزام بتمكين السعوديين من العمل في وظائف المشروع والالتزام بالأوامر والأنظمة والتعليمات الصادرة في هذا الشأن من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
4- الإلتزام وضمان التزام المتعاقدين معه من الباطن بتزويد الجهة الحكومية بكافة المعلومات والبيانات التي قد تطلبها منه، ويحق للجهة الحكومية أن تتحقق من صحة هذه المعلومات، كما يجوز للجهة الحكومية التقصّي عن الشريك الخاص أو متعاقدي الباطن لدى الجهات الحكومية الأخرى، للتأكد من مدى التزامهم بتعاقداتهم.
5- توفير كافة المعلومات والوثائق والتقارير التي تتيح للجهة الحكومية ممارسة رقابتها على تنفيذ العقد، وتمكين ممثلي الجهة الحكومية المفوضين من القيام بما تتطلبه مراقبة العقد من مهمات، بما في ذلك تدقيق الحسابات والمعاملات والبيانات؛ ومراجعة الإيرادات المالية المتحققة من العقد وكافة المستحقات المالية لكل طرف.
6- توفير المهارات والكفاءات اللازمة لتنفيذ التزاماته طوال مدة العقد.
7- توفير أعضاء فريق العمل وفقا للمواصفات المذكورة في العقد، لغرض تنفيذ التزاماته.
8- التأكد من صحة وسلامة المعلومات التي يمكن أن تؤثر على الخدمات المقدمة والأسعار المتفق عليها.
9- ضمان علمه بمتطلبات العمل والمواد اللازمة لتنفيذ الخدمات، وتوفير وسائل التنقل والوصول للموقع.
10- ضمان كفاية الأسعار المنصوص عليها بموجب هذا العقد، والتأكد من أن المبالغ المتفق عليها تغطي كافة الخدمات اللازمة لتنفيذ العقد والوفاء بالتزاماته على الوجه الأكمل.
11- تزويد الجهة الحكومية بتقرير مالي ربع سنوي عن نتائج تنفيذ العقد، على أن يكون التقرير معتمداً من مراجع حسابات خارجي -يتم تعيينه بموافقة الجهة الحكومية- وأن يتضمن التقرير إجمالي الإيرادات المالية المتحققة من العقد وكافة المستحقات المالية لكل طرف، على أن يتحمل الشريك الخاص أتعاب المراجع الخارجي.
كما يكون الشريك الخاص مسؤولاً أمام الجهة الحكومية عن أي ضرر يلحق بالجهة الحكومية أو مطالبة أو أي قضايا أو إجراءات أو تكاليف أو نفقات تتكبدها الجهة الحكومية يتسبب بها الشريك وتتصل بهذا العقد في أي من الحالات التَّالية :
1- سوء الأداء في تأمين الأعمال المذكورة في العقد.
2- أي إهمال أو امتناع أو سوء تصرف من قبل الشريك أو ممثليه بشأن هذا العقد.
3- أي إخلال بالتزامات الشريك الخاص بموجب هذا العقد.
4- أي إخلال بأنظمة المملكة العربية السعودية واللوائح المعمول بها على أرضها.
ويجدر الإشارة إلى أن حدود مسؤولية الشريك الخاص تكون وفق الآتى :
حيث لن يتجاوز مجموع تعويضات الشريك الخاص للجهة الحكومية عن أي ضرر ذي صلة بالعقد أو ناشئٍ عنه عن [مقدار يساوي 100% من صافي القيمة الحالية للعقد]
كما إنه لا ينطبق حد التعويضات السابق على أي تعويض عن الأضرار التي تلحق بالجهة الحكومية في الأحوال التالية:
1- إذا كان الضرر بسبب إخلال الشريك الخاص أو عدم امتثاله بالتزاماته بموجب بند السرية وحماية المعلومات، وبند حقوق الملكية الفكرية وبند تعارض المصالح.
2- الوفاة أو الإصابات الجسدية التي يتسبب فيها الشريك بخطئه أو إهماله أو تقصيره.
3- الضرر الذي يلحق بالجهة الحكومية بسبب التزوير والرشوة .
4- الإتلاف والتعدي والإخلال المتعمد من الشريك الخاص أو تابعيه أو مقاوليه من الباطن.
5- الأضرار التي تلحق بالمباني والممتلكات المادية بسبب الشريك الخاص أو تابعيه أو مقاوليه من الباطن.
بينت المادة العشرون من القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل في السعودية، أنه يجب على الجهة الحكومية إنهاء العقد في الحالات الآتية :-
1- إذا تبين أن الشريك الخاص قد شرع -بنفسه أو بوساطة غيره بطريق مباشر أو غير مباشر- في رشوة أحد موظفي الجهات الحكومية أو حصل على العقد عن طريق الرشوة أو الغش أو التحايل أو التزوير أو التلاعب أو مارس أياً من ذلك أثناء تنفيذه للعقد.
2- إذا أفلس الشريك الخاص أو جرى حله أو تصفيته.
3- إذا تنازل الشريك الخاص عن العقد دون موافقة مكتوبة من الجهة الحكومية ووزارة المالية.وكذلك بينت ذات المادة من ذات القواعد، إنه يجوز للجهة الحكومية إنهاء العقد في الحالات الآتية:-
1- إذا تأخر الشريك الخاص عن البدء في تنفيذ العقد عن الموعد المحدد لذلك بموجب العقد، أو تباطأ في تنفيذه، أو أخلّ بأي شرط من شروط العقد ولم يصحح أوضاعه خلال خمسة عشر يوم من تاريخ إبلاغه كتابة بذلك.
2- إذا أخل الشريك الخاص بتنفيذ التزاماته التعاقدية الجوهرية التي يحددها العقد، أو عجز عن تحقيق مستوى الجودة المتفق عليه، وذلك بعد إخطاره كتابةً بهذا الإخلال، وعدم تصحيحه لأوضاعه خلال خمسة عشر يوم من تاريخ إبلاغه كتابةً بذلك.
3- إذا تعاقد الشريك الخاص لتنفيذ العقد من الباطن دون موافقة مكتوبة من الجهة الحكومية.
قد يهمك أيضاً: أهمية صياغة ومراجعة العقود والاتفاقيات القانونية
هذا بالإضافة إلى أنه للجهة الحكومية إنهاء العقد إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، أو إذا تم الاتفاق على الإنهاء مع الشريك الخاص وذلك بعد موافقة الوزارة، وفقاً لأحكام النظام واللوائح، كما يجوز في حال إنهاء العقد، طرح الأجزاء المتبقية منه بالأسلوب الذي طرحت به المنافسة ابتداءً وفقاً لأحكام النظام واللوائح.